هل سينجو الأهلي من مدارات التصدع؟

محمود تراوري

TT

التاريخ معبر شديد الأهمية، لتجنب الأمم الكوارث، وتفهم المجتمعات طبيعة وماهية التحولات، وبذل المحاولات لقراءة ملامح المستقبل. في التاريخ الكروي يمكن أن نأخذ منتخب البرازيل بكل ما فيه من نصاعة وعراقة، كأنموذج للتحولات والتبدلات. عمليا يمكن أن نفترض أن العمر الزمني للجيل الكروي عشر سنوات. الفريق الذهبي الذي حقق للبرازيل كأس العالم عام 1970 كان يضم أشهر والمع نجوم تاريخ الكرة البرازيلية، وفي مقدمتهم طبعا «الملك بيليه» الذي كان مونديال 70 آخر مشاركاته مع منتخب بلاده.

بعد تلك البطولة، انفرط عقد النجوم «غارينشا، جيرزينهو، ريفاليينو» وغيرهم، وانتظرت البرازيل عشر سنوات تقريبا، حتى تعوض ذلك الجيل الأسطوري، فكان الإشراق الكروي مطالع الثمانينيات مع جيل «زيكو، وفالكاو، وسقراط، وإيدر، وجونيور»، بقيادة المدير الفني الداهية تيلي سانتانا. قدموا للعالم مساحات من روائع كروية خالدة، صعبت المقارنة بينهم وبين منتخب 70، ولكنهم صدموا العالم بعدم نيلهم كأس العالم، وانتهى ذلك الجيل وبقي أنشودة زاهية يترنم بها عشاق المتعة والجمال والبهجة الكروية.

هذا النموذج / المثال يمكن سحبه على فرق كروية سعودية، توارت عن المشهد الإبداعي الكروي مع انتهاء جيل ذهبي، وهنا يحضر «النصر» كأنصع الأمثلة، فمع رحيل جيل «ماجد عبد الله، يوسف خميس، عبد الله عبدربه، توفيق المقرن، محيسن الجمعان» تضعضع الفريق، وظل مقصيا عن النجاحات، حتى اللحظة التي ربما تقارب العقدين. ومن النصر إلى الأهلي الذي تضعضع هو الآخر بعد رحيل جيل «أبو داود، دابو، أحمد الصغير، إبراهيم مريكي، إدريس آدم، عبد الجواد، صمدو، بندر سرور، المترو»، ولكنه عاد منذ موسمين ليقارع، ولن تخدش عودته الخسارة الأليمة أمام أولسان الكوري، وتبدد حلم المجد الآسيوي.

انتهاء جيل، وحلول منطق التبدل والتحولات هو بالضبط تحديدا ما يعيشه فريق الاتحاد الآن، وفي خضم صدمة عشاقه، يغيب من ذاكرتهم درس التاريخ وسنة الحياة الكونية. في تقديري متى استوعب الرياضيون هذه النقطة، أمكنهم جميعا الالتفات لمفاهيم البناء، والتعويض بهدوء ومنطق وفلسفة وعي، فالأجيال تبنى وتصعد للمجد، ثم تتوارى بعد أن تسلم الراية للآتين من بعدهم، وإذا ما كان الآتون تميزهم «الرخاوة»، تبقى الراية هائمة في مدارات الفوضى وتبادل التهم والادعاءات والثرثرة التي لا طائل منها سوى مزيد من الصداع والتصدع.

ماذا هل سيدخل فريقنا «مدارات التصدع؟».. ربما يرفع الأهلاويون هذا السؤال عاليا. عقب خسارة أمس المؤلمة.