الأهلي.. انفعالات غير سارة

محمود تراوري

TT

لن أدعي أنني توقعت (تصدع الأهلي) عقب خسارته اعتلاء العرش الآسيوي قبل أكثر من أسبوعين. لكنني حين خمنت أن أنصاره ربما يرفعون السؤال خجولا (هل يدخل الأهلي دائرة التصدع؟)، كنت أستحضر ما تراكم على ضفاف الأيام من خسارات، في دعوة للتأمل، إذ المجتمعات لا تتجاوز إخفاقاتها، إن لم تكن لها ذاكرة، تفحصها وتتأملها كلما أمعنت في السير قدما نحو الغد.

الانتكاسة تابعناها بلوعة في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000 حين أهدر حمزة إدريس ضربة جزاء أما اليابان نهائي كأس آسيا الثانية عشرة في لبنان، لتتخلى السعودية عن العرش الآسيوي الذي اعتلته منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي. مذ تلك اللحظة لم تعرف الكرة السعودية طريق النجاح. تتالت الخسارات، وكبرت الحسرات، إن على مستوى المنتخبات، أو على مستوى الأندية التي كان آخرها إخفاق الأهلي، بعد أن سبقه الاتحاد، الذي سبقته فرق الشباب الهلال والنصر.

ودائما سيناريو الإخفاق يكاد يكون متشابها حد التطابق، مع اختلاف في التفاصيل فقط، واتفاق في نتيجة عنوانها (الإخفاق مستمر.. والمعالجة واحدة، لا تتغير).

لماذا يا ترى؟ غالبا وأنت تكتب عن ظاهرة ما، لا يمكنك إلا أن تتساءل - خاصة في ظل افتقادك للمعلومة الدقيقة - من منظور موضوعي، ينحي العاطفة والانفعالات اللحظوية، التي غالبا ما تعمي البصيرة قبل البصر.

من الظواهر التي كانت مدعاة تأمل – عندي – استعادة تناول الإخفاق بآلية التفكير نفسها التي ظللنا نمارسها على مدى أكثر من عقد، دون أن نخرج من عنق الزجاجة، وإذا ما خرجنا لبرهة، سرعان ما يعيدنا إخفاق جديد للمربع الأول. فإذا كان علم النفس - أكثر العلوم التي نطرحها تنظيرا وبعدا عن الواقع - يرى (أن الخبرات الانفعالية في النشاط الرياضي عبارة عن انفعالات سارة أو انفعالات غير سارة وتؤثر بصورة إيجابية أو سلبية على العمليات البيولوجية والنواحي السلوكية للفرد)، فإن الواقع يقول لنا إن خبراتنا الانفعالية ظلت طوال العقد الأخير غير سارة، عنوانها الرئيسي هو الاحتقان.

إلى جانب التنظيم الإداري الجيد واللافت لإدارة الأهلي، أرى أنها – وليست عندي معلومة متكاملة – ربما لم تلتفت لكل تلك الخبرات المتراكمة لما يمكن تسميته (ملف إخفاق الكرة السعودية). في تقديري لو أنها فعلت ذلك لتوصلت إلى أنه (في حالة زيادة التعب النفسي أو العضلي الواقع على كاهل الفرد، يرتبط ذلك بالانفعالات غير السارة كالضيق والكدر والإحساس بالتعب والإعياء والإرهاق).. وكل هذا باختصار ما حدث مع الأهلي، عقب عودته للمنافسة المحلية، وحدث مع غيره من فرق من قبل. تجاهلنا لمقاربة علمية لأيما وجع، كفيل بإطالة أمد العلاج.