إنهم يقزمون الأهلي

أحمد صادق دياب

TT

المطلوب في كرة القدم الحديثة الاحترافية أن تفوز ولو بنصف هدف، المهم أن تفوز، ولم يعد للمتعة والإمتاع الكثير من الأهمية.. رغم قساوة هذا القول على القليلين ممن ما زالوا ينظرون للمتعة في كرة القدم إلا أن هذه هي الحقيقة بلا رتوش.. تدافع، تهاجم، تسيطر دون أن تنتصر يصبح كل ذلك بلا معنى ولا مكان له على الإطلاق.

الأهلي في مساء الجمعة حقق الفوز ومنح الكثيرين متعة المشاهدة، وهذا جميل جدا، ورائع، ما هو غير جميل بالفعل كان رد فعل بعض الإعلاميين (المشجعين) الذين حولوا النتيجة إلى معركة متشنجة جدا، فالأهلي كسب الثلاث نقاط بكل استحقاق وجدارة، والاتحاد خسرها بنفس القدر، ولكن وبقدرة قادر تحول من يفترض به أن يكون ناقدا رياضيا إلى (مشجع) حاقد على الاتحاد أكثر من كونه (فرحا) بانتصار الأهلي!.. أحدهم قال (ذبحناهم ذبح) وآخر كتب (هذا جزاء من يقف ضد الأهلي)، وآخر كتب (هذا الفرق ما بين الكبير والصغير) (وهذا الوضع الطبيعي الدائم).. وغير ذلك من الجمل العدائية التي تعزز ثقافة الكراهية في وسطنا الرياضي الذي لا ينقصه من هذه الناحية الكثير منها.

غدا قد يفوز الاتحاد ويمارس بعض من إعلامه نفس الأسلوب، ونغدو في دائرة مظلمة من ثقافة الكراهية التي يبذر بذورها البعض في الوسط الإعلامي بقصد أو دون قصد، كنت أتمنى أن يتم التركيز على الأسباب الفنية التي أدت إلى فوز الأهلي وخسارة الاتحاد، وأن يشيد الجميع بالجهد الكبير الذي قدمه نجوم الأهلي دون تجريح أو مبالغة أو تشف.

فدور الإعلامي ليس الميل إلى جانب ضد الآخر، ولكن عليه أن ينقل للقارئ الحقيقة كاملة من وجهة نظر محايدة، تعتمد على صدق الطرح والنوايا والإحساس بالمسؤولية، والخروج من (كهوف) الميول والتعصب الأعمى، لنشر ثقافة قبول الهزيمة وتواضع الانتصار.

الأهلي فريق كبير وقوي وليس غريبا أن يفوز، فلم (يقزمه) بعض من محبيه في (خانة) أن فوزه على جاره التاريخي الاتحاد إنجاز لا يُقارن بأي إنجاز آخر.. والاتحاد خسر، ولا يجب أن يعني ذلك أن هذا المصير حتمي لا يمكن عكس اتجاهه..

أعجبني المسؤولون في النادي الأهلي والعقلاء من منسوبيه عندما لم ينجرفوا وراء (إعلامي الغفلة) فأتت تصريحاتهم متعقلة هادئة تحمل قدرا كبيرا من الإحساس بالمسؤولية والواقعية ليؤكدوا لنا ومن جديد أن هناك من يعي دوره تماما ويعرف قيمة ما يقول ويفعل.

في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي وقدرة الكثيرين ممن لم تكن أصواتهم تصل للآخرين، يمكن أن تستشعر مكامن الخطر مما يكتبه بعض الإعلاميين، فهم قدوة لكثير ممن يشاركون اليوم في «تويتر» أو «فيس بوك»، وبالتالي ننشر دائرة من ثقافة كراهية لا تؤدي إلا إلى دمار.