سيل الزيف!

عبد الرزاق أبو داود

TT

سواء كانت الرياضة ممارسة خاصة أو عامة تمارس أمام الجماهير، وسواء كانت الكتابة عنها خاصة أو عامة فإنها تعتبر شأنا عاما متاحا لكل من يملك القدرة والرغبة في ذلك. وأسوأ ما يمكن أن يواجهه أي نشاط اجتماعي الدعوات التي يطلقها البعض بضرورة أن يقتصر الأمر على فئة معينة مختارة، لها توجهاتها التي تخدم مصالح معينة، وتشوه أحداثا ووقائع.. وتوغل تهويلا وتحريفا لفكر الآخرين، أو تحاول التغطية عليه أو عليهم أو إزاحتهم من الساحة.

سنحاول هنا تجنب احتكارات معينة لضرورات موضوعية، والتركيز على الاحتكار الإعلامي. إن ظاهرة الاحتكار هذه للكتابة الرياضة ليست بالأمر الجديد، فقد كانت تمارس منذ عقود عبر أساليب وضغوطات مختلفة، وكانت النتيجة هي احتكار توجهات معينة مساحة كبيرة جدا ضمن ما هو متاح أمام الرأي والرأي الآخر في الإعلام السعودي المقروء على الأقل، ومن ثم التأثير عبره على نمط وطبيعة الأفكار والمعلومات والتحليلات التي تصل إلى جموع الجماهير الرياضية، التي ندرك، كما يدرك غيرنا، أنها في معظمها «تثق»، ولا نريد استعمال مفردات أخرى، في معظم الم يكن كل ما تقرأ وتعتبره صحيحا متى ما كان يصب في النهاية مع توجهها وانتمائها الرياضي، بغض النظر عما يمكن أن يتضمنه من تلاعب بالحقائق أو القفز عليها أو طمسها أو استبدلها أو تشويهها، والأمثلة كثيرة استقصِ وحاول أن تتحقق من ذلك بنفسك.

يبدو أن عملية الاحتكار والإقصاء الإعلامي الرياضي قد أثّرت ولا تزال تؤثر على كيفية وفكر وتوجهات وعقليات أعداد أكبر من المهتمين أو العاشقين في الوسط الرياضي.. بل إن هناك من لا يحصلون على المعلومات أو يقرأون التحليلات إلا عبر مصادر صحافية معينة، ومنهم من يتهم المصادر الأخرى بالتحيز و«الاحتكار» والتبعية، وهي «ظاهرة» يدركها كثيرون.. وينكرها آخرون.. أو يحاولون القفز عليها أو الالتفاف حولها!

مسألة الاحتكار الإعلامي، أو التلاعب بالمعلومات، أو فبركة التحليلات.. واختلاق الأعذار أو اتهام الآخرين، أو اختيار عناوين مثيرة استفزازية أو غير ملائمة أو لا صلة لها بالمتن، هذا إذا كان هناك متن بالفعل، ستظل مشكلة متنامية تسهم في احتقان الوسط الرياضي، وتتركه ساحة مفتوحة للتوجهات «المشخصنة الموجهة» لاعتبارات كثيرة ومتغيرات هي في واقع الحال خارج سيطرة الجماهير الرياضية المغلوبة على أمرها، وما عليها إلا أن «تغترف» من هذا «المنبع»! أو ذاك، ولا يمكن لها أن تعبر في ذاتها عن مكوناتها وآرائها، فقد تمت مصادرة ذلك! وعليها أن تدور في فلك «الاحتكار الرياضي الإعلامي» الذي يكشر عن «أنيابه» لكل من يحاول أن يبين خطل وخطأ استمراره، واستفحال نتائجه على جوانب المشهد الرياضي السعودي. وكان الله في عون القارئ والمتلقي من سيل الزيف المتدفق عبر معظم وسائل الإعلام الرياضي.