ريادات زائفة

عبد الرزاق أبو داود

TT

كتفردنا في كثير من الأمور، وادعائنا «الخصوصية»، فإننا في المجال الرياضي «نتفرد»، بممارسات قد لا تكون بضرورة مسبوقة، وفي ظل هذا السياق انطلقت موجة التبريرات الموسمية. فإذا تجاهلنا طرق تسييرنا للأندية الرياضية، وكيفية تعاملنا مع مشكلاتها، وغضضنا الطرف عن هزلية كثير من طروحاتنا الإعلامية الرياضية، وما يعتريها من ممارسات تؤثر عليها ارتباطات وعلاقات حولتها إلى «ساحات» لتصفية حسابات، وإذا ما تجاوزنا المديح الفج السخيف الذي يتقنه البعض، وطرحنا جانبا عدم المصداقية، وتضخيم الذات بالحديث عن «ريادات زائفة» وإسهامات سطحية، بألفاظ وعبارات تستدعي في كثير منها ردود أفعال قانونية وحقوقية! وإذا ما أعرضنا عن كل هذا الذي تنتظمه وتظهره الصورة العامة للساحة الرياضية السعودية، وتبينه أمامنا عبر مكونات وملامح أخرى عن رياضتنا التي لم يحن بعد أو أن نتناولها بصورة تفصيلية أوسع، إذا ما تركنا كل هذا جانبا، فماذا نجد أو نلحظ أو نرى؟

ليست هي بالجديدة، ولن تقف عند حدود زمنية أو مكانية أو فلسفية معينة، ولكنا كما تبدو عادة ووسيلة موسمية يتم استخراجها واستحضارها واستدراجها ثم استخدامها مع بداية ظهور أعراض وبوادر الإخفاق. في كل بلاد الدنيا تبرز فرق وأندية وتحقق بطولات وإنجازات، وتخفق فرق وأندية أخرى كثيرة ولكنهم يعترفون بأخطائهم، ويحددونها.. يناقشوها.. ويضعون حلولا مفترضة لها.. ويعلنون صراحة عن رغبتهم ونيتهم وعزمهم على إصلاحها بطرق وخطط إصلاحية معلنة واضحة، ويظهرون شجاعة ووضوحا في تحمل مسؤوليات الإخفاق والنجاح معا، في حين أن كثيرا منهم يعلنون الرحيل بكل شجاعة وترك الكراسي والمناصب والفلاشات والشهرة الإعلامية، وترك المسؤولية لآخرين قد يكونون أكثر قدرة وإدراكا وقابلية لتقديم إنتاجية وصياغة خطط وبرامج أفضل وأكثر جدوى.

لقد استعرنا وسيلة عجيبة وأدخلناها المجال الرياضي، فأضحت عادة موسمية يحق لنا ممارستها خاصة في الأندية الرياضية وأذرعها الإعلامية الحاضرة لتقديم الأعذار «في سعي متواصل لتبرئة ساحة من يتخذون القرار في الأندية الرياضية من أجهزة فنية وإدارية على وجه التحديد، واختلاق المبررات لهم لكي يستمروا، ومحاولة إيهام الجماهير الرياضية بأهمية استمرارهم، والشكوى بأن كل ما يحدث من إخفاقات ما هو إلا نتاج ، تدخلات، (أعداء النجاح)»!

انطلقت موجة التبريرات الموسمية المعتادة.. وحان موعدها، فقط تابعوا التصريحات والإعلانات والبيانات وبعض «الكتابات الموجهة» الرياضية وحفلات الوداع والاستقبال والتكريم.. منذ الآن وحتى نهاية الموسم الرياضي.. لتروا كم نحن بارعون في تزكية و«تبرئة» أنفسنا.. واتهام الآخرين.. رغم أنف الإعلام الصادق! إنها التبريرات الموسمية..! مبارك.. فقد نجحت التبريرات، وتم الالتفاف على الاحتجاجات والمعارضات وصرخات الجماهير، وسيستمر الحال كما هو عليه، مع تغير بعض الرتوش والأساليب والأشخاص.. وإطلاق وعود جديدة، وإلى موسم آخر من ضياع الأموال والآمال.. في وعود براقة وأعمال ارتجالية واجتهادات اعتباطية ونفعية متبادلة!