ليس وداعا.. بل دعاء

مساعد العصيمي

TT

لم يكن خبرا.. بل صدمة تهز كيانك من فرط معرفتك بمن هو معني بهذا الخبر.. ليس إلا أنه من الإيجابية والعفوية قد أسرك.. وليس الحزن وحده فقط ما يجتاحك حين تلقيك خبر وفاة فاضل ارتبطت معه بعلاقة عمل منذ عقود.

فبعد الدعاء له بالرحمة وسؤال الرب المغفرة له.. إلا أن البال لا ينفك عن الشعور بالفقد لتقفز إلى رأسك خيالات العمر الممتد مع ذلك الرجل، وتلك السنين الممتلئة ذكريات بعضها استقر في الدماغ واتخذ له مكانا لم ولن يتزحزح عنه. تركي بن سلطان بن عبد العزيز.. ذلك الرجل البسيط الوقور المتواضع تحضر أخباره حاملة وداعه ورحيله عن دنيانا الفانية.. ولا اعتراض على قدر الله، لكنها لوعة الزميل وفقد الرجل الفاضل الذي أراد خيرا للجميع فكان نعم المتواصل.. ونعم المعين. أشير إلى أن معرفتي بالأمير الفاضل رحمه الله كانت تتمحور بتطلع الصحافي الصغير إلى من هو ينتمي كمسؤول كبير ضمن قيادات المؤسسة الإعلامية المشرفة على كل ما هو إعلامي في هذه البلاد الطاهرة، كان هذا الإعلامي الصغير يرى أن العلاقة غير متكافئة أبدا... لكنه اكتشف بعد فترة ليست طويلة أنها علاقة إيجابية، بنيت على إيجابية المعرفة وتعزيز المهنية.. وبلا شك أن المستفيد الأكبر هو ذلك الصحافي، أو بالأحرى المراسل الصغير... وهو ما يجعل من التبليغ بالوفاة سبيلا لانهمار الذكريات لتحدث نوعا من التوازن في المشاهد والمواقف بين المهني وصاحب القرار عبر السنين التي بلغت أكثر من عقدين هي حصيلة الخبرة المهنية لذلك المراسل الصغير. كان رحمه الله كثيرا ما يبحث عن الأفضل، وخاصة للمحررين الرياضيين، يجتمع بهم.. يساندهم ويوجههم لما هو خير لهم ولبلادهم.. تعلو محياه الابتسامة تجاه كل من يواجهه.. كانت أريحيته وتسامحه حاضرين تجاه أولئك الذين يتجاوزون الخطوط الإعلامية الحمراء، وبلا شك أن كاتب هذه السطور كان من بينهم، تلك وغيرها من لقاءات أو مهاتفات مرتبطة بذلك الرجل تتدافع من الذاكرة.. لكنها تقف عند عفويته وتسامحه.

نعم كان تركي بن سلطان نعم الرجل حتى في خضم الاختلافات مع الصحافيين، وخاصة الكتاب منهم.. وحتى من خلال إشرافه على القنوات الرياضية التي جعل منها صرحا كبيرا، بحيث لم تكتفِ هذه القنوات بدورها كمحطة حكومية خاضعة للبيروقراطية، بل أطلقها من عقالها لتكون منافسا شرسا لحصد الأفضليات.. لن أطيل لأن سيرة هذا الرجل حاضرة لدى المنتمين للإعلام.. لكن حسبي أنني قد خضعت لسيل الذكريات مع هذا الرجل الفاضل الذي نسأل الله أن يتقبله القبول الحسن.. إنه سميع مجيب.

[email protected]