خليجية.. لا طائفية ولا عرقية!

مساعد العصيمي

TT

رغم المعاناة والتصادمات التي تشهدها أجزاء كبيرة من العالم العربي، بل تتجاوز ذلك إلى إيقاف الأنشطة وكل ما له علاقة برقي الشباب وتطويرهم بدنيا، فإن شباب الخليج ما زالوا يواصلون ألقهم بممارسة كل ما هو مفيد وفيه رقي وتلاقٍ وسؤدد لهم ولبلدانهم.

لا نختلف على أن الرياضة فعل إنساني جامع يرتقي لكي يكون سلوكا اجتماعيا له من القيمة العالية لدى الناس بمختلف مشاربهم.. هنا لا أتحدث عن تلك الرياضة الصحية التي تهدف إلى الرقي البدني والالتزام بالسلوك الصحي وشغل أوقات الفراغ.. بل تلك التي ترمي إلى التنافس والتلاقي بين مكونات المجتمع الواحد والمجتمعات والثقافات الأخرى. والأخيرة تكون أهدافها مرتبطة بالتلاقي والتعارف، ناهيك عن التثقيف والرقي وتحصيل مكاسب نفسية ومادية كبيرة.

وعليه فإن المكون الخليجي الذي ينضوي تحت مسمى مجلس التعاون الخليجي من الجدارة بأن يكون قد عرف هذا الألق وتلك الأهداف.. وإن كنّا لا نرمي إلى تفوقه القاري من فرط سوء إدارة رياضية عانى منها، لكن نشير إلى بحثه عن تحقيق أهدافه السامية.

ما علينا من ذلك، فما نرمي إليه هو أن الفعل المجتمعي الخليجي.. لم يفقد هويته ولا حتى بعض اتزانه... وهو يستمر في تنفيذ أجنداته الرياضية وبما يعمق قوة الاستقرار وثبات التوجه.. ولا أدل من ذلك إلا أن المستضيف لأهم فعالياته التي ستجري بعد أيام هو دولة البحرين تلك التي أراد البعض أن يدخلها في دائرة عدم الاستقرار.. لكن لأن القيمة المجتمعية راسخة، بات الأمر عصيا.. ولا مناص من استمرار الحياة الاجتماعية وثبات تألقها في البحرين.. ومنها تلك الحياة التي تفضي إلى منافسات رياضية راقية كما هو فعل دورة كأس الخليج العربي.

هنا وجب أن نشير ونحن في إطار العمل الخليجي الكبير إلى أن الرياضة بكل أوجهها هي ما يعين الشباب بصفة خاصة ومكونات المجتمع الأخرى بصفة عامة على فهم حقيقة واقعهم وما يجب أن يكونوا عليه من أمن واستقرار.. حتى لو أراد بعض ضعاف السلوك غير ذلك؛ ففريق كرة قدم واحد مكون من مجموعة من اللاعبين هو حصيلة لأطياف مختلفة من مجتمع كل دولة خليجية.. ولنثبت ذلك علينا أن نقرأ قوائم الأسماء للمنتخبات المشاركة.. لنؤكد أن الرياضة تسمو فوق كل عبث قائم وهي سبيل مثالية لقوة كل مجتمع وتضافر جهود أبنائه.

ما علينا مرة أخرى، لكن جدير أن نشير إلى أن الرياضة تتفوق بل تتجاوز كثيرا من المؤسسات المدنية والاجتماعية من خلال قدرتها على بث الألفة والتسامي فوق التوافه المثارة سواء كانت طائفية أو عرقية، فهي تكاد (أي الرياضة) أن تكون منفردة وحيدة قادرة على مزج الثقافات المختلفة وصهرها في بوتقة واحدة عنوانها التآخي والهدف الواحد، بل إنها تعيدها إلى الحياة الطبيعية.. تلك التي دنسها المتعصبون وأرادوها حربا وفرقة.. لكن ولله الحمد ظل الأمر عصيا على المجتمع الرياضي الخليجي، ليكون سبيلا لكل المؤسسات الاجتماعية الأخرى.. لنؤمن من جديد أن الرياضة التنافسية كما هي في الخليج من أهم القيم الإنسانية المبنية على احترام الآخر والاعتراف به ومشاركته فرحه وأحزانه.

وبعد، فأختم بأن لا عزاء للمتعصبين المتمنين زعزعة المجتمعات الخليجية فها هي مناشطهم الخارجية قائمة وتلاقيهم مستمر.

[email protected]