الحكم في قضية نابولي علامة فاصلة

روجييرو بالومبو

TT

أصدرت المحكمة الفيدرالية حكما تاريخيا بإلغاء قرار خصم نقطتين من نابولي بسبب تورطه المزعوم في قضية التلاعب. وسوف يغير الحكم من مفهوم المسؤولية الضمنية الذي يعتبر أحد الأسس الهامة في القضاء الرياضي. وتعتبر هذه القضية علامة فاصلة في تاريخ القضاء الرياضي. وسوف يستفيد الدوري الإيطالي من هذا الحكم، رغم أن بعض مشجعي ومسؤولي اليوفي لن يرضوا عنه بكل تأكيد، بالنظر إلى بعض القضايا القديمة والحديثة أيضا وتغيير معايير الأحكام. ولعل جماهير لاتسيو ستشعر بنفس الشعور ولكن بصورة أقل من اليوفي، لأن هذا الحكم وإن كان يضع نابولي في المركز الثاني إلى جانب لاتسيو فإنه يطمئن جماهير النادي على مصير لاعبهم ماوري، الذي يواجه اتهامات مشابهة لما واجهه كانافارو وغرافا لاعبا نابولي. ومن المتوقع أن يتم حفظ القضية ضد ماوري على ضوء الحكم في هذه القضية.

وسوف يستفيد الدوري من هذا الحكم لأنه يشعل المنافسة من جديد بعد أن تساوى لاتسيو ونابولي بنفس الرصيد. ولن تتسبب مزاعم التلاعب بمباراة سمبدوريا ونابولي قبل ثلاث سنوات في أي توتر بين الأندية لأن الواقعة تعود إلى فترة بعيدة. ويعتبر هذا، بالإضافة إلى تبرئة ساحة كانافارو وغرافا اللذين ثبت أنهما لم يضعفا لإغراءات جانيللو لهما، أفضل ما جاء في حكم المحكمة الفيدرالية الذي سد الطريق أمام استمرار القضية ووصولها إلى الدرجة الثالثة من درجات التقاضي.

لكن هناك أيضا عدة جوانب سلبية في هذا الحكم، وإذا كان وصف « سلبية» يبدو مبالغا فيه، يمكننا أن نقول إنها جوانب «غير إيجابية». فالبعض ينظر إلى هذا الحكم على أنه حكم «مسيس». فجانيللو اعترف بشكل لا لبس فيه بمحاولة التلاعب في نتيجة المباراة وجاء تغيير الاتهامات ضده من التلاعب إلى خيانة الأمانة كنوع من التساهل والرغبة في إنهاء القضية دون إثارة كثير من الجدل والقلق في الأوساط الرياضية. وكانت المحكمة الرياضية في الدرجة الأولى قد رأت فيما قام به جانيللو عملية تلاعب واضحة وتستحق عقوبة التلاعب، لكن حكم المحكمة الفيدرالية جاء ليخالف تلك النظرة. ويرى البعض أن قضاة المحكمة فضلوا عدم تضخيم المسألة التي يتورط فيها نادي نابولي بسبب المسؤولية الضمنية، لا سيما أن نادي لاتسيو يواجه قضية مشابهة وكان ينبغي إنهاء الأمر بأسرع وأسهل طريقة ممكنة.

ولعل الجانب السلبي الثاني في هذا الحكم هو أنه قضى على مبدأ التسوية القانونية التي يعترف فيها المتهم بارتكاب الخطأ مقابل تخفيف العقوبة. فقد لجأ ناديا تورينو وسمبدوريا اللذان واجها اتهامات في فضيحة التلاعب خلال الصيف الماضي لمبدأ التسوية، وتم تخفيض عقوبة الخصم من رصيدهما إلى نقطة واحدة بدلا من نقطتين، وهو ما لم يحدث مع نادي نابولي في تلك القضية بعد أن قرر النادي اللجوء لنهج دفاعي آخر والابتعاد عن فكرة التسوية. وأثبت الحكم أن نادي نابولي كان موفقا في ذلك ويستحق الإشادة هو ومحاموه. ولا شك أن سمبدوريا وتورينو لن يستعيدا النقطة التي خصمت منهما في الموسم الماضي، وليس ذلك من العدل في شيء.

وثمة جانب سلبي ثالث وهو أن هذا الحكم قد أوضح فشل عمل المحكمة الرياضية بعد نقض حكمها في أول درجة. وكان واضحا للجميع منذ فترة أن القضاء الرياضي يحتاج لتعديلات كبيرة في قوانينه والقضاة المنوطين به. ويتضح ذلك مع توالي فشل المحكمة في عملها وإصدارها لأحكام وقرارات يتم نقضها وعدم العمل بها في النهاية. ولعل نهاية فصول فضيحة التلاعب بنتائج المباريات والمراهنات غير الشرعية ستمثل فرصة جيدة لإعادة النظر بشكل تام في المحكمة الرياضية ونظامها من أجل منحها المصداقية اللازمة لإرساء العدالة في منظومة الرياضية الإيطالية في المستقبل.