ثنائية بوغبا تعيد إلى الأذهان ذكريات أبطال قدامى

أندريا سكيانكي

TT

هذه هي الفرصة المناسبة للتنزه عبر تاريخ كرة القدم. الهدفان اللذان سجلهما الفرنسي بوغبا، لاعب اليوفي، في مرمى أودينيزي، من تسديدات قاتلة، أعادا إلى الأذهان صور قديمة وأبطالا قدامى. من كان أفضل مصوب للكرات من خارج منطقة الجزاء؟ النقاش بهذا الصدد مفتوح: أصحاب الحنين إلى الماضي البعيد يتذكرون القدم اليسرى للبرازيلي ريفيلينو، أو الدقة الجراحية للألماني راينر بونهوف، أو قوة الهولندي أريي هان، الذي كنا نحن الإيطاليين ضحاياه في مونديال 1978. وفي الماضي القريب يحتاج الأمر إلى تذكر روبرتو كارلوس وبرانكو، الظهير الأيسر الذي كان يحمل رخصة إطلاق التسديدات القوية من خارج منطقة الجزاء، وكذلك هناك رونالدو (رامبو) كويمان. أما في إيطاليا فلدينا عدد قليل من المتخصصين الحقيقيين في مثل هذه التصويبات: بينيتي ودي بارتولوميي وأنطونيوني، خلال فترة السبعينات والثمانينات. ثم أنشلوتي في التسعينات، وفي بداية الألفية الثالثة أول من يأتي على الأذهان هو قائد روما الحالي توتي. الأمر هو أنه لتصويب تسديدات رائعة على طريقة بوغبا (التي نفذها أمام أودينيزي) تحتاج إلى امتلاك ثلاث مهارات: القوة والتنسيق والمهارة الفنية. ويضاف إلى ذلك أيضا مهارة أخرى ليست بالشيء الهين، يلزمك الشجاعة، للتسديد هكذا، لأن 80% أو 90% من هذه التصويبات ينتهي بهم الحال في المدرجات، مع إصابة الجماهير بخيبة أمل. وقد أثبت بوغبا أمام أودينيزي أنه يمتلك الشخصية، بغض النظر عن عمره الذي لم يناهز الـ20 عاما، فهو يتحمل المسؤولية، الخطيرة في حد ذاتها، ولا يخشى الخطأ. ومن العدل الآن أن يساند اليوفي كله هذا الفتى الشاب، فإذا كان فريق السيدة العجوز تمكن من تحقيق الفوز أمام أودينيزي، فإن جزءا كبيرا من الفضل في ذلك يعود بالفعل إلى بوغبا.

ويعد الهدف الأول لبوغبا بمثابة درس في كيفية تسديد الكرة من خارج المرمى، جسد بانحناء خفيف إلى الأمام لمنح مزيد من القوة للتصويبة، أقدام قريبة من الكرة لدعمها. تجدر الإشارة إلى أن بوغبا لم يصل إلى لحظة التصويب راكضا، الأمر الذي منح التسديدة القوة رغم انطلاق اللاعب من ثبات. ثمة تفصيلة أخرى ينبغي ملاحظتها في الهدف الأول، وهي جزء الساق الذي تم من خلاله تصويب الكرة. بوغبا استخدم الجزء الخارجي من مشط القدم ولتوجيه الكرة إلى الزاوية المعاكسة تعين عليه أداء تحول طفيف، ولكنه حاسم، في جذع القدم. إنها تحركات تقريبا دقيقة، بالأحرى أساسية في نجاح التصويبة. وال’ن إذا قام مدربو قطاع الناشئين بعرض الفيديو الخاص بهدف بوغبا الأول على تلاميذهم سيكونون بذلك قد قدموا درسا جيدا!

وإلى جانب الدقة أظهر اللاعب الفرنسي أيضا قدرة غير عادية في البقاء على أرض الملعب وإدارة التحركات. وفي ظل غياب المخضرم بيرلو كان بوغبا في قيادة ماكينة اليوفي (ولكن مع وجود بعض الاختلافات، وهذا أمر طبيعي). وفي أعين الجماهير، فضلا عن الهدفين الرائعين، بقي من مباراة السبت بعض التلميحات المصقولة: انطلاقتان دقيقتان ولا سيما خمس مراوغات ناجحة للفرنسي الشاب. وإذا ما وضعنا في عين الاعتبار أننا نتحدث عن لاعب خط وسط وأنه في المنطقة التي يعمل بها ليس من المعتاد رؤية زخارف معينة سنجد أن بوغبا لاعب مكتمل، ثلاث تسديدات على مرمى الخصم، وهدفان، و54 تمريرة صحيحة، مقابل خطأين فحسب، أربعة التحامات انتهت لصالحه بينما فقد واحدة، استعاد الكرة من الخصم 14 مرة، وفقد ست كرات. إنها أرقام جديرة بلاعب فذ.

أكثر من العذب. كما قدم لاعبو الفريق نفس روح اللافتة المعلقة في المدرجات والمكتوب عليها: «سنكافح حتى الموت للبقاء في الدرجة الأولى». وقد أعطى فريق باليرمو كل شيء، بتأكيده، ما دامت هناك حاجة، البقاء إلى جوار مدربه، والذي يمكنه تنفس الصعداء الآن، وإن كانت الاختبارات لا تنتهي هنا والليل طويل.