التفكير بالنيابة

أحمد صادق دياب

TT

* غدا يلعب منتخبنا الوطني أولى مبارياته في التصفيات الآسيوية أمام الصين. إذا كان الحديث بالعاطفة فمن دون شك كلنا مع المنتخب، وكلنا ندعو أن يوفق، وأن ينتصر ويتأهل، ويخطف البطولة الآسيوية ويعيدها إلينا من جديد.. لكن دعونا نكون واقعيين بالدرجة الأولى، فما الذي يمكن أن يكون قد تغير ما بين المنتخب الذي شاهدناه في دورة الخليج والمنتخب الذي يلعب غداً؟ صحيح إنها كرة قدم وكل شيء فيها وارد وممكن، ولكن وحتى لا نفرط في حجم التفاؤل، وبعدها نصاب بإحباط يتحول إلى نوع من اليأس، علينا أن نفكر بعقلانية أكبر.

* مشكلتنا في الكرة السعودية ليست تغيير مدرب وإحضار آخر، فهي أكثر عمقاً وتشابكاً من أن يكون حلها في عنصر واحد، أو في فوز واحد أو في عرض واحد.. فبعد لقائنا مع الأرجنتين وما قدمه المنتخب من ندية كبيرة، جارى فيها نجوم أميركا الجنوبية الكبار، خرجت كثير من الأصوات تبشر بعودة المنتخب السعودي والصقور الخضر، وكنت بالفعل أضحك في أعماقي من هذه السرعة في الجزم والاعتبار والتأكيد، على عودة الكرة السعودية إلى سابق عصرها ومكانتها، وهو أمر لا يمكن أن يحدث في كرة القدم، قبل أن يمر بعدد من المراحل الإصلاحية، ومن ثم مرحلة استقرار فني نتائجي، وبعد ذلك مرحلة فرز وتطوير نوعي، ومن ثم مرحلة حصاد نهائي.. كرة القدم يمكن من خلالها أن تفوز على إسبانيا في مباراة، من ثم تخسر خسارة مدوية من منتخب أقل شأناً، فالمسألة ليست مباراة فقط، بقدر ما هي استمرار في الأداء المقنع المتطور المتنامي ما بين مباراة وأخرى.

* قبل أن يعتقد أحد أنني من المتشائمين، ومتوقعي الخسارة أمام الصين، أحب أن أقول على العكس من ذلك، فأنا أتوقع أن يفوز المنتخب على المنتخب الصيني، ليس لأن كل شيء تم إصلاحه، ولكن لأننا تعودنا التفاعل الإيجابي مع أي تغيير ولفترة بسيطة، ثم تستقر وتهدأ رياح التغيير، ويعود الوضع كما كان.. ولكن يجب أن نكون أيضاً مستعدين لتقبل الخسارة إن حدثت فهي جزء من اللعبة، ونحن لم نبدأ بعد مرحلة التصحيح لنتمكن من تجنب تبعاتها.

* إذا أردنا أن يعود منتخبنا من جديد، فهذا لا يتحقق بالأماني، بل مواجهة الحقائق التي تدور حول مفهوم رئيسي هو أن الإصلاح في كرة القدم ممكن وممكن جداً، ولكنه يحتاج إلى كثير من الجهود الكبيرة والصبر الطويل والإنفاق المقنن والرجال الذين يعملون بعيدا عن الأنانية... ما يحتاجه المنتخب لا يعتمد أبداً على شخص واحد بعينه، بل يحتاج إلى تضافر جهود كثيرة تملك من الخبرة ما يمكنها من تحطيم المعوقات الكثيرة المتجمدة أمامها.

* الواقعية لا تعني عدم الحلم.