الموت من أجل المنتخب؟!

هيا الغامدي

TT

عاد الإعلام الرياضي السعودي مجددا للانشغال بالمرتب الشهري لمدرب المنتخب الأول السيد لوبيز كارو، وهي ذات الإشكالية التي (أشغلتنا) وانشغلنا بها سابقا عن أخطاء وسياسات ريكارد، تلك التي تزامنت مع أسوأ النتائج التي عرفتها الكرة السعودية!

وأيا كانت حقيقة الرقم الذي تداوله الإعلام خلال اليومين الماضيين ونفاه المصدر المسؤول من المنتخب، نؤكد أن تركيزنا الفترة المقبلة يجب أن يكون على (النتاج) والمردود الفني، لا على راتب المدرب!

الاتحاد السعودي تعاقد رسميا مع لوبيز، والأخير تحدث (صراحة) من خلال زاوية رؤيته كخبير ومستشار عمل في الاتحاد السعودي لأكثر من عام ونصف، عن أبرز ما وجده من نقاط ضعف وقوة، واستوقفتني كثيرا جملته الاعتراضية (الموت من أجل المنتخب) كشعار مستقبلي يسعى لتفعيله بين اللاعبين في الفترة المقبلة!

ولا أعتقد أن لوبيز يسعى من خلال ذلك لفرقعة إعلامية يشحذ من خلالها تعاطف الشارع السعودي أو المسؤول معه، لكنه لمس نقطة ثمينة لم يتم الوصول إليها بالشكل المطلوب!

أعجبتني استقلالية فكر المدرب وتركيزه على نقطة الاختيار وفق مقاييس فنية واحترافية بحتة للعناصر الوطنية، مستبعدا فكرة التدخل أو فرض مسميات بعينها وربطها بتقديمه للاستقالة! أتساءل: هل كان من المجدي التواصل بسخاء مع تلك السياسة سابقا؟! ولمصلحة من كانت النتائج؟! وهل المجاملة والمحسوبية أهم من مصلحة الوطن العليا؟!

لماذا يجب أن نطمئن للملامح الأولية لسياسة لوبيز مع منتخبنا وباقي المنتخبات من خلال إشرافه عليها؟! من نقطة ارتكاز مركزية قوامها العمل والمثابرة وبعده عن المسميات الرنانة، مؤكدا ضرورة (التحفيز) المنطلق من قناعات اللاعب لا المفروضة عليه! من خلال إثارة مواطن الإحساس بالوطنية في اللاعبين وغيرتهم على هذا الشعار الغالي!

جميل أن يكون لدينا مدرب ناقد وباحث وكاشف عن الأخطاء و(معالج) لها، وليس مجرد ناقد ومشرح للأخطاء دون وضع حلول لها، مكتفيا باجتهادات اللاعبين!! تلك الأخطاء المكشوفة والمعروفة والأزلية التي أرهقت نتائج كرتنا السعودية ورمت بها للخلف!

منتخبنا بحاجة لمصارحة ومكاشفة ووضع حلول وبدائل إدراكية مبكرة، بحاجة للاعبين (مفكرين) وقياديين في الملعب، بحاجة لمن يتعاطى مع الوطنية على كونها دما ساريا (بفطرية) بعروقه، بحاجة لحل مشكلة فراغات وسط المدافعين وصناعة اللعب وعقم المقدمة!

لماذا يجب أن نتأمل خيرا بسياسة لوبيز؟! كونها بالأغلب سياسة النهج الواضح المبتدئ بالصفوف الأولية، فالإمارات وصلت لما وصلت إليه من خلال تلك السياسة مع مدربها الحالي الذي أشرف على الناشئين والشباب، والعراق كذلك فضل التحرك مع خبير في الصفوف الأولية وصولا للمنتخب الأول!

دعونا من أسطوانة المدرب العالمي جانبا فقد اكتفينا من ذلك، ولنترك الفرصة للوبيز ليفعّل لدينا قناعاته كخبير ومستشار أولا ومدرب ثانيا، نقاط كثيرة منها الفارق العمري المتأخر لدينا عن أوروبا كابتداء يصب لمصلحة الأخير الذي يبدأ مزاولة الكرة بسن مبكرة 7-9 سنوات، في حين أنه لدينا يبدأ بسن 16 سنة كأول نشاط رسمي له، مع التأكيد على أن كل ما تم بهذا الإطار لم يكن سوى اجتهادات غير رسمية من شركات خاصة لم يكتب لها النجاح!

الانضباط.. نقطة محورية جميعنا ندرك أهميتها كأساس ذهني فني ونفسي داخل الملعب وخارجه، لكن (الوطنية) كشعور (فطري) هل كنا نحتاج إلى من يأتي ليعلمنا إياه؟!

[email protected]