قفزة هلالية

مسلي آل معمر

TT

هي هكذا مباريات الديربي، خصوصا المباريات النهائية، لا تخضع للمقاييس الفنية كثيرا، بل إن النتائج غالبا تذهب عكس الترشيحات، حيث رشح كثيرون النصر للفوز قبل المباراة، وذلك عطفا على انعدام التوازن الذي كان يمر به الهلال في المباريات الأخيرة، مما ولد غضبا جماهيريا وإعلاميا إلى درجة المطالبة برحيل الإدارة.

والجميل في الهلال أنه يستطيع الخروج من أزماته سريعا، ولا يدعها تتورم حتى تصيبه في مقتل، فلو خسر الزعيم البارحة الأولى لدخل في نفق مظلم، وزادت الضغوط على اللاعبين والمدرب، لكنهم استطاعوا القفز على الأزمة المنتظرة، وتحويلها إلى دافع كبير قبل البطولة الآسيوية، ولما تبقى من الأمل في دوري المحترفين، والحقيقة أن الأداء الهلالي طوال المباراة كان رائعا، ولو فازوا بها في الوقت الأصلي لقلنا إنهم يستحقونها بجدارة. أما أكثر ما يعجبني في الهلال فهو الطموح العالي لدى محبيه، حيث ما إن يتراجع الفريق إلى المركز الثاني حتى يضغطوا على الإدارة ويطالبوها بالرحيل، ولهذا السبب لم يبتعد الهلال طوال الثلاثين عاما الماضية عن البطولات لأكثر من عام واحد، لأنهم مع من يقود الفريق للإنجازات، وإذا ما تعثر فإنهم لا يجاملون على حساب الكيان.

الطرف الثاني في اللقاء النصر تطور كثيرا، خصوصا بعدما تخلص من المتقاعد الكولومبي ماتورانا، وأحسن اختيار مدرب بديل يجيد التعامل مع اللاعبين نفسيا، وهي المهارة التي لا يجيدها أي من الإداريين الموجودين في النادي، وسبق أن قلت إن 80% من نجاح أي مدرب في السعودية يعتمد على شخصيته وقربه من اللاعبين، فاللاعب السعودي أساسا لا يجيد تطبيق التكتيك، لكنه يريد مدربا يرفع معنوياته، ويدعه يسرح ويمرح في الملعب. كما أن بديلي الفترة الثانية من المحترفين كانا أفضل بكثير من طيبي الذكر مانسو وشوكت، ولهذا ظهر الارتفاع الملحوظ في مستوى الفريق.

استمرار التنافس «الفعلي» بين النصر والهلال، وأقصد بالفعلي هنا التنافس داخل الملعب، مهم جدا للكرة السعودية ككل وللمنتخبات، فأغلب الإنجازات الوطنية تحقق في عز التنافس بين الفريقين، وبابتعاد النصر تأثر المنتخب، وإذا ما أراد النصراويون الاستمرارية فعليهم أن يدركوا أن فريقهم لا يزال يحتاج إلى عمل، ويتمثل في استمرارية مدربه كارينيو مع البحريني محمد حسين والبرازيلي باستوس، إضافة إلى جلب لاعبين محليين، على الأقل لديهم القدرة على صنع الفارق، حيث ما زلت أعتقد أن اللاعب المحلي في النصر لا يزال دون المستوى الذي يمكنه من دعم الفريق، للخروج على الأقل ببطولة سنويا. أما الهلال فلا أعتقد أن الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة هذا الموسم تخفى على أحد، ابتداء من المدرب ومرورا باللاعبين الأجانب، ونهاية بالنجوم المحليين الذين رحلوا لأندية منافسة.