ما لم يقله السديري في «الإسلام والرياضة»

محمود تراوري

TT

بعيدا عن اللغط السنوي المعتاد والممجوج المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب، الذي تنطلق فعالياته غدا، تطل الرياضة بكل بهائها هذا العام، بواسطة كتاب «الإسلام والرياضة» للكاتب الزميل تركي الناصر السديري، بعد أن أطلت عبر نفس الكتاب في دورة العام الماضي من المعرض، غير أن إطلالة هذا العام تجيء مختلفة ومشرقة، إذ توج الكتاب ضمن قائمة أفضل عشرة كتب صدرت عام 2012 في السعودية، وفاز بجائزة وزارة الثقافة والإعلام، مما يشرع بوابة الأمل واسعة خضراء لإعادة الممارسة الرياضية إلى مدارات الحب والاحترام والتنافس الشريف، المبني على النزاهة واستحضار القيم الإنسانية النبيلة والجميلة، التي حضت عليها الأديان والشرائع الأخلاقية كافة. ومن زاوية أخرى، قد يعيد فوز كتاب الصديق السديري إلى الواجهة، ضرورة الالتفات للقيم المعرفية في مقاربتنا للرياضة، سواء من قبل العاملين في الوسط والميادين الرياضية، أو وسائل الإعلام التي تتابع هذه الممارسة. إذ كان ثم إجماع في الآونة الأخيرة على توجيه النقد للإعلام الرياضي، ووصفه بالضحالة والفقر المهني في جل ممارساته. وفي تقديري أن واحدا من أهم المسببات كان يتمثل في تغييب البعد المعرفي.

بذل السديري في كتابه الصادر عن دار طوى في 294 صفحة من القطع المتوسط جهدا خرافيا، وهو يحاول التأصيل للفعل الرياضي في الثقافة الإسلامية، متكئا على أبحاث ودراسات ومصادر عربية بحتة، وهنا قد يمكن تسجيل ملاحظة تكمن في غياب أي مصدر غير عربي، ولست أعرف الأسباب. وإن كنت قد توقفت عند مقولة السديري وهو يقدم للكتاب «المكتبة العربية المعنية بالتراث الرياضي مقترة، لا تليق بحركة التأليف العارمة التي تميزت بها حقب الحضارة العربية والمسلمة، وأيضا بثراء تلك المجتمعات بمخزون هائل من الألعاب والفعاليات الرياضية والبدنية والترويحية وباهتمام الناس والحكام بها».

وهو ما يشير إلى وجود نقص في المكتبة العربية في هذا الشأن، ولعل هذا النقص شديد الصلة بضآلة وتواضع البحث العلمي العربي برمته، وليس الأمر مقتصرا على الشأن الرياضي فحسب.

ما يدفع إلى أن نضم صوتنا لصوت السديري وهو يأمل في أن يحفز كتابه الباحثين والمهتمين بالرياضة وعلومها وظواهرها لتدشين حملة للتأليف الرياضي الجاد، يعين - طبقا للسديري - على تأسيس حركة رياضية علمية ناضجة، قادرة على تكوين المكتبة الرياضية العلمية التي تأخر كثيرا تفعيلها.

وما لم يقله السديري، أن التأخير قد يستمر طالما استمر التعاطي السطحي مع الواقع، وتفشي الارتجال، والمجاملات والمحسوبيات، أو ما توافق المجتمع على تسميته بـ«ثقافة امسك لي واقطع لك»، وهو ما لم يقله السديري، مباشرة، بل قاله بعلمية لا يحبها المتنعمون في ساحات «امسك لي واقطع لك» لأن الإنسان دائما عدو ما يجهل.