انتخبوا الدكتور حافظ المدلج

طلال الحمود

TT

حين أعلن الدكتور حافظ المدلج ترشحه لرئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بدأت الأحلام الوردية تداعب مخيلة مشجعي كرة القدم السعودية، على اعتبار أن وصول المدلج إلى مبنى كوالالمبور الحصين سيحل كثيرا من المنغصات، التي تعاني منها الأندية والمنتخبات الخضراء في البطولات الآسيوية وتصفيات كأس العالم، إذ إن كثيرين رشحوا هذا الرجل لتولي منصب قاري ليس من أجل الفخر بقدرة رجالنا على تولي أعلى المناصب وإدارتها بكفاءة عالية، بل من أجل «تسليك» أمورنا وتسهيلا للواسطة التي نعتقد في داخلنا أنها المربح الأهم من تولي سعودي لأي منصب قاري أو عالمي، لذا فالمدلج مطالب بحسب «نظرية واو» أن يبدأ أولا بضرب الأندية الإيرانية، وإبعادها لتلعب في شرق آسيا، ثم إبعاد الحكام غير المحببين عن مباريات المنتخبات والأندية السعودية، ثم زيادة عدد أنديتنا في دوري أبطال آسيا، واستبعاد نصف الأندية القطرية على اعتبار أنها لا تستحق أربعة مقاعد، فضلا عن تغيير معايير تصنيف المنتخبات ليتجنب «الأخضر» اللعب في الأدوار التمهيدية خلال تصفيات كأس العالم، والوقوف مع أنديتنا ظالمة أو مظلومة في حال تعرض لاعبو الفريق المنافس أو الحكام للضرب المبرح في ملاعب السعودية!.. هكذا يتخيل البعض فائدة وصول حافظ المدلج إلى رئاسة الاتحاد الآسيوي، على اعتبار أن الاتحاد القاري سيصبح هيئة حكومية، بمجرد أن يضع سعودي يده على قبضة الباب!.

شخصيا، لا أخشى على المدلج الخلط بين صلاحياته وعلاقته بالأندية والاتحاد السعودي، على اعتبار أنه رفض في أكثر من مناسبة تبني مواقف سعودية ضد الاتحاد الآسيوي، لأن بعض المسؤولين كانوا ينظرون إلى السعودي في الخارج على أنه مطالب بخدمة مصالحهم ورغباتهم حتى لو أدى الأمر إلى إقصاء هذا الرجل من الهيئة التي يعمل بها!.. وفي المقابل أخشى على المرشح السعودي من إساءة التعامل مع الإعلام الآسيوي، خصوصا في الأمور التي تتعلق بقضايا الفساد والشبهات حول التقصير والإهمال، على اعتبار أن تبرير الفساد أو الدفاع عن المقصرين بعبارات على نحو «كلنا عيال قرية» تكفي لإحداث فضيحة لن يتحملها المدلج بمفرده؛ لأنها ستنال من سمعة البلاد التي ينتمي إليها. وغالبا تبدأ الانتكاسات بخطأ صغير كما حدث لعادل إمام في فيلم «انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط» قبل أن يتحول هذا الخطأ إلى كرة من الثلج لا يمكن وقفها!.

وخلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه المدلج ترشحه لرئاسة الاتحاد الآسيوي، لم يظهر ما يمكن أن يقنع آسيا بقدراته، أولا عندما قدم نفسه مرشحا توافقيا عربيا، مع أن التوافق لم يتم بدليل ترشح يوسف السركال وسلمان الخليفة رسميا، وهذا المصطلح يستخدم عندما يتفق المرشحون مسبقا على مرشح واحد توافقي!، فضلا عن أنه أعلن استعداده للانسحاب؛ من أجل مرشح عربي آخر، ولا أعلم هنا كيف ينسحب المرشح التوافقي؟ وربما ألتمس العذر للدكتور على اعتبار أن ثقافتنا الانتخابية شبه معدومة، فنحن أحيانا نردد ما يردده الآخرون دون علم، وثانيا حديث المدلج عن توظيف السعوديين في الاتحاد الآسيوي وعددهم في الهيئة القارية، وهذه بمثابة «نكتة» حقيقية، لأن المرشح التايلاندي لو جاء إلى الرياض ليطلب صوت الاتحاد السعودي من أجل الفوز بالرئاسة وتوظيف التايلانديين لأصبحت نكتة القرن!

لست مهتما بهوية المنتصر، ولا أتمنى فوز المدلج لمجرد أنه يحمل الجنسية السعودية، غير أن الواقع يؤكد أن عصر محمد بن همام «الرجل القوي» انتهى ولن يستطيع المدلج أو السركال أو الشيخ سلمان أو التايلاندي واروري سد الفراغ، وبالتالي نحن أمام خيارات محدودة، تجعلنا نتمنى نجاح أفضل المتوفرين في المعركة الانتخابية المقبلة!