أزمة التعبير!

مساعد العصيمي

TT

للمفكر العربي الكبير فهمي هويدي مقولة ضافية فحواها «الأزمة الحقيقية التي تعانيها مجتمعاتنا هي أن الذين من واجبهم التعبير عن المجتمع ليسوا هم الأشخاص المناسبين للقيام بهذا الدور».

قد نحسب هذه المقولة في إطار العموميات العربية؛ فحتى بعض الساسة العرب تجدهم من الصفاقة أن يسيئوا من خلال أحاديثهم لمجتمعاتهم، لكن ماذا عمن يقودون دفة التعبير عن الرياضة؟ فعلى رأي معلقنا الكبير علي الكعبي «الله.. الله عليهم» فهم من نوعية قادرة على أن تجعلك حائرا تائها، ولهم مسمار ومركاز في كل بلد عربي، ولدينا الأمر مرتبط بكثير من رؤساء الأندية والاتحادات، ولا نخلي الإعلام من المسؤولية بعد أن شهد موجة عاتية من متناقضين متعصبين، هبوا عليه من جهات مختلفة ليوهموا البعض والجيران بأنهم هم من يحمل لواء التعبير عنه!

لن نفرط في الوصف، لكن نحن ندرك أن المتابع للعمل الرياضي السعودي بات حائرا متسائلا: هل رياضة بلاده، أو بتحديد أكبر كرة بلاده تعبر عن نوع من الإسقاط البليد وبعض من التفاهة لا تستطيع منه خلاصا؟ وإما أن مثل ذلك من دواعي الإثارة الممجوجة التي تجاوزنا في فهم معانيها، لكن ما أثق أنه مدرك من قبل القارئ والمشاهد فيما يخص قدرتهما على التفريق بين الحمق والاتزان، بين التعبير المفيد، وذلك التافه الذي يعبر عن بلادة وسقوط ذريع لمعنى الكلمة وقيمتها.

الملاسنات هي العنوان الأبرز للخطاب المعبر عنها، لا تستثني منه رئيسا لناد أو قائدا للجنة رياضية، أو شرفيا كبيرا، كنت تتوسم فيه الرزانة، لكن هيهات، حتى كثير من الهرمين في مجالي الإعلام والتحليل أصبحوا أسرى للخطاب التعبيري السائد. فلا بد من البلادة والانتقاص كي يكتمل المعنى.

ما نعلمه وندركه أن التعبير في مجال الرياضة يصدر من الميادين ومواقع التنافس، هم (أي المتنافسون) من يعبر ومن يعطي التصور للخطاب الأمثل، لكن في الواقع التنافسي السعودي الأمر مختلف جدا، فهو قد خرج ليستقر في أحضان آخرين، انضم إليهم أخيرا بعض حكام ثرثارين أمسكوا بمنصة الحديث؛ لأن الخطاب الرياضي قد امتهن، ولا ضير إن كان لهم منه نصيب.

أولئك المعبرون، على رأي أستاذنا هويدي، هم من يزيد ألمها، يقومون بذلك من خلال تداخلات مع هذه اللعبة الراقية أوجعتها كثيرا، وعليه لن تستطيع أن تجد منافسة كروية محلية دون غثاء ممل.

إسفاف وتقليل، وتعد إلى الانتقاص والتجاوز الذي لا لبس في جرمه، بل إنه يحدث عيني عينك، وفيه رئيس ناد مدع متبختر، وكأن على الآخرين أن يقروا خطابه ويؤمنوا به، وآخر يتلذذ بالكذب حتى لو أن الحقائق ظهرت وأخرسته! ولا نستثني بعض الإعلام، أما الطامة حينما يكون سوء التعبير والتجاوز إلى اختلاق هذا التعبير من قبل بعض لاعبين، استمرأوا التجاوز والعدائية، حتى وإن كشفتهم الدلائل والحقائق.

التعبير الصادر عن كرة السعودية قد أوجد أزمة حقيقة؛ لأنه ليس فقط صادرا عمن ليسوا مناسبين له، بل لأنهم أوجعوها وأعادوها فكرا وإجادة وخلقا إلى الوراء.

[email protected]