برانديللي قلب موازين القوى أمام البرازيل

لويجي جارلاندو

TT

قال أحد الصحافيين البرازيليين في جنيف وهو يتابع مباراة منتخب السامبا مع إيطاليا: «يحتاج المنتخب البرازيلي إلى مدرب مثل برانديللي الذي يجيد نقل أفكاره للاعبين وينجح في فرض طريقة لعبه والاحتفاظ بالكرة، لكننا حاليا لا يوجد لدينا إلا مدربون يجيدون الهجمة المرتدة».

ويبدو أن هذا هو رأي الغالبية العظمى من الجماهير في البرازيل لدرجة أن جميع استطلاعات الرأي التي أجرتها وسائل الإعلام البرازيلية حول اختيار المدرب الجديد للمنتخب أعطت نفس النتيجة وهي رغبة الجميع في بيب غوارديولا الذي يعتبر أستاذا في الأداء وفن امتلاك الكرة. لكن تكليف مدرب أجنبي بقيادة نجوم السامبا قبل المونديال الذي يقام في البرازيل كان يبدو أشبه بإهانة لاتحاد الكرة البرازيلي الذي قرر التعاقد مع مدرب يتمتع بشعبية كبيرة وهو لويس فيليبي سكولاري الذي نجح في تحقيق اللقب الخامس للبرازيل في كأس العالم بكوريا واليابان من خلال منتخب قوي ومتماسك يلعب بروح أوروبية؛ وهي نفس الطريقة التي ينوي سكولاري تطبيقها مع الفريق خلال الفترة المقبلة. وما زال سكولاري يؤمن بأهمية وجود لاعبي خط وسط يتمتعان بقدرة كبيرة على الضغط وبالسرعة أمام خط الدفاع. وكان هذان اللاعبان في عام 2002 هما جيلبرتو سيلفا وكليبرسون بينما يقوم بهذا الدور حاليا فيرناندو وهيرنانيز مثلما ظهر أمام إيطاليا. ويعتمد سكولاري غالبا على الدفاع بستة لاعبين ثم الانطلاق السريع في هجوم خاطف في المساحات الخالية. وكان هذا الهجوم الخاطف يتم عام 2002 من خلال الثلاثي الرهيب رونالدينهو ورونالدو وريفالدو بينما يتم حاليا من خلال نيمار وزملائه. وأهم ما كان يميز أداء السامبا مع سكولاري في السابق وما عاد للظهور مجددا في الوقت الحالي هو غياب المهارة في صنع الهجمات واللجوء إلى الكرات الأفقية الطويلة أكثر من امتلاك الكرة على عكس ما هو معتاد في تاريخ الكرة البرازيلية العريقة. وكان زيكو يشتكي من هذا الأمر قبل بضعة أشهر عندما صرح قائلا بعصبية: «كان فوز إيطاليا على البرازيل في عام 1982 ضررا كبيرا لكرة القدم». وقد تسبب هذا الفوز حقا في ضرر جزئي لكرة القدم البرازيلية لأن الهجمات المرتدة الصاعقة التي قادها كونتي وكابريني أثارت الشكوك حول قيمة وجودة كرة القدم البرازيلية البدائية. وأوضحت هزيمة البرازيليين عام 1982 أن الأداء الأكثر واقعية الذي يعتمد على الهجوم المضاد يستطيع تحقيق الإنجازات أيضا لإيطاليا. وقد تجلى ذلك بشكل واضح عام 1994 عندما فاز المنتخب البرازيلي بلقب كأس العالم بفضل دونغا ومازينهو وهو يلعب بطريقة هي الأكثر بعدا عن الأداء التقليدي للبرازيل طوال تاريخه.

وجاء برانديللي حاليا ليثبت لنا العكس تماما ويوضح أن الأداء الذي يعتمد بشكل أكبر على المهارة مقارنة بالأداء التقليدي لإيطاليا يمكنه أن يحقق الإنجازات والنتائج المرضية لمنتخب إيطاليا. فقد أكد تعادل الآزوري بعد أداء مميز أمام البرازيل، وبعد الأداء الرائع للآزوري في أمم أوروبا الأخيرة، أن أداء إيطاليا تغير عن الشكل التقليدي. وإنني أتساءل الآن بفضول كبير عما يدور حاليا في رأس زيكو. فلم نعد نحن الإيطاليين أولئك الذين يجذبونه من قميصه لأننا أصبحنا بارعين ومنظمين في استعادة الكرة دون الحاجة لارتكاب الأخطاء.

لقد لعبنا وسددنا ومررنا الكرة أفضل من لاعبي البرازيل أساتذة المهارة في العالم، وتمثلت أهم مكاسب مباراة البرازيل في التأكيد بشكل نهائي على أن المنتخب الإيطالي أصبح يجيد بناء الهجمات وفرض سيطرته على الأداء وإمتاع الجماهير طوال الوقت. وقد بعث برانديللي برسالة هامة للجميع في إيطاليا سواء في مجال الكرة أو خارجها. وتقول هذه الرسالة إن من يعمل بجد وإخلاص وشجاعة من أجل بناء شيء جديد ويثق في قدراته ويبتعد عن ألاعيب الخبثاء ومحاولات الخداع، ينجح في تحقيق هدفه حتى ولو كان يواجه البرازيل.