القبطان بالوتيللي رأى الفنار ويمضي في الطريق الصحيح

لويجي جارلاندو

TT

اعتقدنا دائما أن بالوتيللي فتى يسافر في قلب العاصفة؛ تلك العاصفة التي تهب بداخله، لأن أهله تخلوا عنه عندما كان طفلا، وعانى كثيرا في صغره بدرجة جعلته يرفض تناول قطع الشوكولاته السوداء. ولأنه وجد نفسه شخصية شهيرة تكسب الملايين في عمر 18 عاما. وهذا من حسن الحظ، ولكنه في دوامة أيضا تعصف به. واعتقدنا دائما أيضا أنه سينجح في الوصول إلى بر الأمان، حتى عندما وصفوه بالشيء المعطوب الذي لا رجاء منه، مما اضطره إلى التعامل بشكل عنيف مع عناصر الفريق، مخلفا أثرا غير طيب وراءه يمنع عودته مرة أخرى. ولا يزال أمامه رحلة طويلة تتخللها معاناة لم تنته بعد. وفي أوقات أخرى لاحقة، سيتعثر ماريو في البحر، ويثير الجدل والانتقادات، ولكنه الآن رأى الفنار وبدأ يشق الطريق الصحيح، بعد أن تركوه يبدأ مسيرته في الميلان بهدوء، فلم يرد بعنف على الضربات التي تلقاها في مباراة البرازيل الماضية، وبذل كل ما بوسعه بسخاء في الملعب من أجل الفريق، وهو ما جعل بوفون قائد الآزوري يقول: «بالوتيللي يثير مشاعري».

وقد ظهرت علامتان على تحسن سلوكه، فبينما خرج لاعبو الآزوري من غرف تبديل الملابس في معسكر تدريب كوفيرتشانو، من أجل الوصول إلى غرفهم الخاصة فساروا معا عبر الحواجز التي غالبا ما تحتلها الجماهير التي تطلب توقيع اللاعبين أو التقاط صورة معهم بالجوال. وبشكل عام، بالوتيللي الوحيد الذي يلف على مسافة 20 مترا ليعبر الملعب من دون أن يعترضه أحد المشجعين، حتى وإن كان الأطفال يتوددن إليه من بعيد. ولكن اقترب ماريو من الحواجز، ليتواصل مع الجماهير وابتسم. وعلى هذا النحو، يمكننا القول إنه يبذل مجهودا كبيرا، بالاقتراب 20 مترا نحو الجماهير بالنسبة لشخص في وجه العاصفة مثله، وبالنسبة له كان هذا مجهودا ومكسبا. كما هو الحال عند الجلوس في قاعة مزعجة وتحمل مؤتمرا صحافيا يعتبره مثل ألم الأسنان. كما تشير تصريحاته إلى علامات أخرى صغيرة طيبة، فحين كان يبلغ من العمر 17 عاما ما إن انضم إلى صفوف الفريق الأول كان يقول: «أنا أفضل من كريسبو، ومن المفترض أن ألعب أنا»، وكان ذلك بعد ترشحه للكرة الذهبية بقليل. ولكنه أوضح الآن قائلا: «ليس أحد أفضل اللاعبين في العالم، فأنا ما أنا عليه فقط». ويجعل الأفق التي يراها التزامات عمل أصغر، مثل مواجهة مالطا مع المنتخب الإيطالي ثم مباراة كييفو مع الميلان. وحصل صاحب الموهبة الذي كان يشعر بكونه مثاليا على ست درجات في تقييم أدائه بمباراة البرازيلي، وبات متطلبا مع نفسه، وبعد أن رفض الفتى الاعتذار للمدرب البرتغالي مورينهو يقر الآن بخطئه، قائلا: «كان إلقاء قميص الإنتر على الأرض خطأ لم يكن ينبغي أن أرتكبه».

ولم يكن على سبيل المصادفة أن يظهر تلك المؤشرات في كوفيرتشانو، لأنه أفصح من قبل، قائلا: «ليس هناك شيء أجمل من اللعب مع المنتخب الإيطالي»، لأن الآزوري ليس مجرد قميص بالنسبة له، ولكنه أرض وانتماء ورمز كبير بالنسبة لفتى انتظر 18 عاما من أجل الحصول على ورقة تثبت كونه إيطاليا. كما أضاف، قائلا: «بعد بطولة أمم أوروبا الماضية، أدركت أن الناس يحبونني أكثر». إذن، من هنا كانت قاعدة الانطلاق، فتأثر الجماهير منحه شعورا بالهدوء الذي جعله يثق أخيرا بالعالم الخارجي الذي كان يشعر دائما بكونه يعيش حربا معه. وبعد عودته من إنجلترا، وانغماسه في دائرة من المؤثرات الإيجابية (الميلان وغالياني والمنتخب ومدربه برانديللي والأصدقاء الحقيقيون وعائلته الممتعة بشكل خاص)، فبدا كل شيء أكثر سهولة. فلم يعد يقف بمفرده أمام دفة القيادة الجنونية، بل مع الكثير من الأشخاص المستعدة لإنقاذه. وسيتخذه الأطفال الآن مثلا أعلى كما لو كان الأب سجل هدفا في البرازيل. ولا تزال الرحلة طويلة ومليئة بالعواصف، ولكن يتخللها مساعدة الآزوري، اللون المفضل للمهاجم ماريو.