المعتزلون.. من يعلق الجرس؟!

موفق النويصر

TT

فجع الوسط الرياضي في السعودية الأسبوع الماضي برحيل اثنين من معتزليه، الأول عبد المجيد كيال نجم فريق الاتحاد الأسبق وأول قائد للمنتخب (في منزله بعد حضوره مناسبة عائلية بمكة المكرمة)، والثاني فهد الحمدان الدولي السابق وهداف نادي الرياض (على السرير الأبيض في المستشفى العسكري بالرياض متأثرا بإصابته بفشل كلوي).

المفارقة أن الاثنين ابتعدا عن الأضواء بعد اعتزالهما اللعب، إلا من ظهور محدود فرضته عليهما طبيعة الحياة الجديدة، من خلال عضوية الكيال الشرفية لنادي الاتحاد، وتدريب الحمدان لنادي الوصيل (أحد أندية الدرجة الثالثة)، ومؤخرا عبر الصحف التي ناشدت رجال الأعمال والميسورين للتكفل بعلاجه في الخارج.

واقع الحال يقول: إن مستقبل المعتزلين في السعودية يشوبه الكثير من الغموض، خاصة أولئك الذين لا ينتمون لعوائل تجارية، أو الذين ضحوا بوظائفهم لأجل الكرة، وبالتالي أصبح مصيرهم بعد الاعتزال معلقا بأعمال دنيا لا تليق بهم، أو ينتهي بهم الحال كمستحقين للضمان الاجتماعي.

الغريب أن هذه الحالة لم تتبدل كثيرا حتى بعد مرور 20 عاما على تطبيق نظام الاحتراف، حيث ما زلنا نشاهد معاناة الكثير من هؤلاء النجوم، إما مع أنديتهم، نتيجة عدم تسلمهم لمستحقاتهم المالية، أو مع المنظومة الإدارية، التي عجزت عن تشريع قوانين ترتقي بحال «اللاعب» وتحفظ كرامته بعد الاعتزال.

هذا لا يمنع أن هناك مبادرات خجولة تطلقها بين الحين والآخر جهات إعلامية لاستقطاب بعض هذه الأسماء في برامجها الرياضية، إلا أنها تظل محاولات محدودة سرعان ما تتلاشى بانقضاء المناسبة التي استدعوا من أجلها، أو لعدم تقديم هؤلاء النجوم ما يشفع لهم باستمرارية الاستضافة.

الأكيد أن أعداد المعتزلين الكبيرة لا يمكن استيعابها في مجالات الرياضة المختلفة (التحليل، التدريب، التحكيم، الإدارة)، كون ذلك يحتاج لمقومات لا تتوفر لدى أكثرهم.

والأكيد أيضا أن السواد الأعظم من اللاعبين الحاليين يجهلون كيفية استثمار أموالهم وعقودهم المليونية بطريقة صحيحة، نتيجة عدم امتلاكهم للمؤهلات العلمية أو الخبرة الاستثمارية لإدارة هذه الأموال.

في المقابل نجد أن اللاعبين الأوروبيين تتزايد ثروتهم سنويا عن التي قبلها، ولعل القائمة التي نشرتها صحيفة «صنداي تايمز» الإنجليزية يوم الاثنين الماضي لأغنى 100 شخصية رياضية في بريطانيا وآيرلندا، وتصدرها واين روني مهاجم مانشستر يونايتد بـ51 مليون جنيه إسترليني، بزيادة 6 ملايين جنيه عن عام 2012. تؤكد أن هناك فرق عمل مهمتها تنمية ثروة هؤلاء النجوم بشكل يوائم حياتهم الحالية دون إغفال وضعهم بعد الاعتزال.

شخصيا أتعجب من غياب الأندية السعودية عن توجيه لاعبيها الشباب، على أقل تقدير، للطرق المثلى لاستثمار أموالهم، أو ابتكارها لبرامج شبيهة بالتي نفذتها سابقا إدارة النادي الأهلي، باستقطاعها جزءا من مداخيل لاعبيها المالية واستثمارها في قنوات مأمونة، تضمن لهم عوائد مجزية عند الحاجة.

في ظني أن حالات «التسول» التي تنطلق في الإعلام الرياضي بين الحين والآخر، لجمع مبالغ مالية لإطلاق لاعب سابق من السجن، أو علاجه، أو تأمين منزل له، حري بها أن تحفز الجهات ذات العلاقة، للبحث عن حلول تضمن عيشا كريما للرياضيين بعد الاعتزال، خاصة أن بعدهم عن الأضواء يفقدهم كثيرا من البريق الذي كان يقودهم لأبواب أصحاب القرار.. فهل ستبادر أي جهة بتعليق الجرس وتخطو الخطوة الأولى نحو تحسين أوضاعهم؟ أم سيعتبر الجميع أن هذا شأن شخصي بالرياضيين لا علاقة لهم به؟

[email protected]