زانيتي.. ألعب مباراة أخرى ثم أفعل مثل فاكيتي

لويجي جارلاندو

TT

إن زانيتي نموذج قد يضعه كل أب بين يدي ابنه، بغض النظر عن التوجه الرياضي نحو أي فريق، ويطالبه بأن يلعب مثله ويتصرف مثله. ومنذ سنوات يعد قائد الإنتر أشبه بنجم يشار إليه للشباب ليقتدوا به في مسيرتهم الرياضية.

إن درسه الأرفع قيمة هو قبول الهزيمة بكل كرامة والمجهود المضني للانطلاق من جديد. إنه درس حديث بصورة غير عادية في الوقت الذي يتم فيه تعليم الشباب الصاعد شيئا آخر، وهو أن الخسارة نتيجة الفشل ويجب تجنبها بأي طريقة كانت، وليست مرحلة طبيعية وتعليمية من أجل التحسن. بعدما أكدنا هذا باحترام شديد، حقق زانيتي كل شيء مع الإنتر ومنتخب الأرجنتين، من كؤوس ودروع دوري، وخاض نهائي أولمبياد أتلانتا أمام نيجيريا، الذي كان يبدو منتخب التانغو قد فاز به بالفعل.. ولا داعي للتحدث عن يوم الخامس من مايو (أيار). عاش زانيتي إحباطا آخر وجعل منه حبلا متماسكا بقوة تسلق به إلى قمة المجد في ثلاثية الدوري والكأس ودوري الأبطال. إن رؤيته الكروية لها مفعول السحر.

إن زانيتي الذي دربته الحياة على التعامل مع سوء الحظ استطاع التعامل بفطرته وبالقوة المعتادة بعد دقيقة واحدة من حادثة باليرمو والإصابة الخطيرة بوتر أخيل بالقدم اليسرى، وقال: «مسيرتي لم تنتهِ. إنني أقوم فقط بتغيير القدمين». هذا مفهوم، وطبيعي، فوضع الهدف لنفسه، والإيمان به، يعني بداية التعافي. وفي اليوم التالي للإصابة استخدم كلمات مختلفة إلى حد كبير، وقال: «أريد العودة لخوض مباراة واحدة أمام جماهيري». ربما هذا التحديد الدقيق خطوة أولى نحو درس جديد للقائد، إن تمزق وتر أخيل ليس إصابة كغيرها، وإنما انهيار من كثرة الاستخدام، وجسد يقول كفى، وجرس الطواف الأخير. والتفكير بالعودة للملعب «لمباراة واحدة»، لتوديع جمهوره الخاص بطريقة احتفالية بعد مسيرة غير قابلة للتكرار، هو أمر ذو مغزى. وأقل من هذا كثيرا التفكير في تمديد المسيرة أكثر، بعد إصابة من هذه النوعية، وفي سن 40 عاما.

ماذا قد يكسب من الاستمرار؟ هل يكسب أرقاما قياسية جديدة ليضعها على شارة القيادة؟ إن المجد ليس وقوفا بالمكان على الدراجة على طريقة ماسبيس، ولكن الركض السريع جدا بأقدام قوية. وأكثر من تمديد ظهوره بالملاعب، يهم أكثر إنقاذ رقمه القياسي الخاص، وتمثاله الذي استغرق بناؤه 20 عاما من المسيرة اللامعة وليس إفساده بالصفعات الأخيرة.

من عشق لاعب التنس بيورن بورغ كان ليتجنب رؤيته يتسلح في عام 1993 بمضربه الخشبي القديم ويخسر أمام مغمورين. والموسم الحالي أظهر أن زانيتي يعاني صعوبة على المستوى البدني، وهو ما لم يحدث من قبل. فهل من الممكن أن تتحسن حالته البدنية في غضون عام وبعد إصابة خطيرة جدا؟ إن أي رمز كبير يكف عن الانتماء إلى نفسه فحسب عليه أن يأخذ في الاعتبار أيضا جمهوره، فمن يعشقه يريد أن يبقى القائد الذي يجر الفريق خلفه وينتزع الكرات من بين أقدام الخصوم، ويدور حول نفسه وينطلق عكسيا دون أن يمسك به أحد، على الأقل في الذاكرة.

لم يكن سهلا على زانيتي اتخاذ قرار التوقف، والآن تفتح له الإصابة تطلعات جديدة. توجد مصائب تسمى «نعمة» مثلما يقول الروائي أليساندرو مانسوني، لأنها في المعاناة تكون مقدمة لتحولات كبيرة للأفضل. في عام 1978 كان بوسع جياتشينتو فاكيتي خوض مونديال آخر، لكنه استمع إلى جسده وبأمانة شديدة قال لا لبيرزوت الذي كان يريده في الأرجنتين كقائد وليس كلاعب. حينها أنهى مسيرته الأسطورية، ثم أفاد الإنتر كإداري حتى أيامه الأخيرة. إنه النموذج الذي يحضر أمام زانيتي، بأن يصير فاكيتي الجديد لفريق الإنتر الشاب الذي على وشك الميلاد، أي الإداري صاحب الشخصية والحضور الذي يحتاج إليه الفريق بشدة، ليظل بذلك رمزا إلى الأبد. يلعب من أجل فريقه الإنتر ويواصل الركض في ألبوم صور الفريق.