«لسا» يلعبون «تنس»؟

محمود تراوري

TT

اذكر لي اسم نجم في أي لعبة من الألعاب الرياضية غير كرة القدم، إن جماعية أو فردية؟ حك رأسه وابتسم، واستغرق في صمت مهيب. ذلكم صاحبي، الذي انتقد آخر فكرة حملها آخر مقال كتبته هنا، ذكرت فيه: «إن نيل الفتح استحقاق الدوري السعودي، حري بأن يدفعنا إلى قراءة الحدث ومقاربته بتفكير عميق ومختلف، يفترض أن يوصلنا إلى مناطق مضيئة من الوعي تنتشلنا من عشوائية ظلت تهيمن على تعاطينا مع الرياضة منذ أكثر من عقد، أفضت إلى تراجعات مخيفة جدا، إذا قارناها بما كنا عليه رياضيا قبل عقدين - على الأقل - من الزمان، وأكثر».

كانت أسماء رفعت طاشكندي، ومحمد أحمد قاسم، وعبد رب الرضا، ومحمد وجمال عسيري، وحمزة شعيب، وغيرهم، تحلق في سماوات شباك الكرة الطائرة، تقدمهم نجوم لا تقل نجومية عن زملائهم المحلقين في نجومية السلة من عينة أساطير أحد اللال والشرقي والأبو والمولد وخلف وأبو جبل إخوان وسويلك، مرورا بمنصور سويلم في الهلال، والجاسر والبصيص في النصر وأسعد تكروني في الأهلي، وخميس في الاتحاد ومن أعقبه كعطالله، ورفاقه.

في اليد كان هناك زميلنا الآن صالح الطريقي، وسمير عبد الله وعايد والسويعد وفهد صبيح، والشاخور والعليوات، وغلام إخوان. في كل الأندية، وفي كل الألعاب، كان هناك حضور اجتماعي طاغ للتنوع الرياضي، حتى وإن هيمنت كرة القدم، ولكن ليس بهذه الهيمنة التي وصلت إلى حد الاستبداد، وأخفت نجوم كل تلك الألعاب «الشهيدة» بحسب تعبير المعلق المصري عادل شريف الذي اشتهر منذ السبعينات الماضية بتخصصه في التعليق على منافسات التنس الأرضي. وهي تكاد تكون اللعبة الوحيدة تقريبا من الألعاب المنتشرة عالميا التي أخفق العالم الثالث برمته في تقديم أبطال ونجوم فيها!

ظللت أعدد لصديقي أسماء نجوم في ألعاب فردية حققوا إنجازات طيبة أقلها عربيا في الدراجات وألعاب القتال «الكاراتيه والجودو والتايكوندو» وحتى الملاكمة والمصارعة كان للرياضة السعودية حضور قوي فيها في حقبة زمنية ولت، قبل، زمن التراجعات، التي - كما نكرر دائما - تحتاج إلى تأمل ودراسة علمية منهجية، موضوعية ونزيهة، تحاول رصد وتحديد الأسباب وحصرها، لمعاودة الانطلاقة التي توقفت وتعطلت، مع منتصف التسعينات ربما، والمفارقة أنه التوقيت ذاته، الذي بدأت فيه إرهاصات «العولمة»، ويومها كنا متفرغين للتحذير من الغزو الفضائي المباشر، دون أن نفكر في ماذا يمكننا تطبيقه عمليا لمواجهة هذا الغزو دون أن نرتبك فترتبك رؤيتنا.

أفاق صديق مشرقا بابتسامة متحسرة، مستعيدا عصاري كانت جدة تخرج فيها عن بكرة أبيها لتتابع ديربي «الطاولة» الكبير بين الاتحادي بندر العميري والأهلاوي نبيل المقهوي. وختم: «تصدق الحين مدري لسا يلعبون تنس في أنديتنا أم لا»!