الدوري الإيطالي وجغرافيا كرة القدم

أندريا سكيانكي

TT

إن جغرافيا كرة القدم هي المرآة الاقتصادية للأزمنة دائما تقريبا. وصورة خاطفة، أحيانا جافة وقاسية، تروي لنا حالة الثراء والفقر للبلدان، وللأقاليم، وللمدن. ولتأخذوا بطولة الشامبيونزليغ الأخيرة مثالا، فما الفريقان اللذان وصلا إلى النهائي؟ بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند، فريقان ألمانيان. وما الدولة التي، في أوروبا، تجر الاقتصاد وتملي القوانين على الآخرين؟ ألمانيا، بالطبع.

انتبهوا، فهي ليست مصادفة، فكرة القدم تحترم ترتيبات السوق، ومن لديه أموال أكثر عادة ما يفوز بالبطولات. وإذا ظللنا على الصعيد القاري وبالإقرار بأنه ربما توجد استثناءات (وإن كانت نادرة)، فمن السهل توقع أن الأمر يتطلب وقتا طويلا لإزاحة الألمان عن العرش. بالعودة إلى إيطاليا نكتشف أن دوري الدرجة الأولى للموسم القادم، والذي استقبل ليفورنو الوافد الجديد، قد نقل مركز الثقل إلى الشمال. وجنوب العاصمة روما، يوجد ناديان اثنان فقط بالبطولة: نابولي وكاتانيا (لأن كالياري، باسم الاستقلال الكروي، نضعه في منطقة محايدة). إن المعلومة تمثل مؤشرا واضحا لكيفية سير الأمور في البلد، فالأزمة الاقتصادية تلقي بظلالها في كل مكان، لكن الإيطاليين يشعرون بها في الجنوب أكثر. لا نمو، ولا عمل كما ينبغي، والإحباط هو الخبر اليومي ونقص كرة القدم، في مدينة مثل باليرمو (كي نضرب مثالا)، يصبح عاملا اجتماعيا يجب أخذه في الاعتبار. كيف لا نتذكر التصفيق الطويل للجمهور، والذي في المرحلة الأخيرة من بطولة الدوري وبعد تأكد هبوط الفريق إلى الدرجة الثانية، اصطحب لاعبي باليرمو في غرف الملابس؟ كيف لا نأخذ في الاعتبار ذلك الموروث من الحب والمشاعر الذي تم إهداره، أيضا، بسبب سلوك إدارة ناد بلا منطق ووليد التقريب وغياب الدقة؟ إلى ماذا أدى تغيير خمسة مدربين للفريق في موسم واحد؟ إلى دوري الدرجة الثانية وإلى المرارة وإلى خيبة الأمل. إنها مشاعر ترتسم في جنوب إيطاليا بأسره، فإقليم «لا بوليا» بلا فريق يمثله بدوري الدرجة الأولى، وكذلك «كالابريا». لقد عدنا إلى الوراء عشر سنوات (إلى موسم 2003 - 2004)، حينما كان يوجد بالدوري الإيطالي فريقان فقط من الجنوب، ما بعد روما. إن تغيير هذه النزعة، أكثر من كونه أملا، هو ضرورة إذا كنا لا نريد تسليم جزء من البلد إلى افتقاد الحب والشعور بالانتماء.

وأمام إحباط جنوب إيطاليا نجد حماس الشمال، حيث ستستعيد مدينة فيرونا لقاء الديربي الخاص بها، كييفو أمام هيلاس، وهكذا سنجد خمس مواجهات ديربي ببطولة العام القادم. كما يوجد فريق ساسولو، الذي صعد لأول مرة إلى الدرجة الأولى، وهو تمثيل لأرض تنتج وتعمل وتربح. وها نحن نعود إلى الموضوع الاقتصادي، حيثما توجد الأموال خاصة حينما يجيد المرء استخدامها، فإن الكرة تدور بشكل أفضل. مع فريق ساسولو فإن إقليم «إيميليا» يلحق بإقليم «لومبارديا»، ويقفز إلى قمة ترتيب الأقاليم الأكثر تمثيلا بدوري الدرجة الأولى الإيطالي، برصيد 3 فرق لكل منهما. لو تأملنا المناطق الأكثر ثراء في إيطاليا فإنها تلك التي لديها أيضا وجود أكثر في كرة القدم. في الواقع لا ينبغي نسيان أقاصي الشمال، فعلاوة على كييفو وفيرونا، يوجد أودينيزي الذي هو جزء، سواء اقتصاديا أو ثقافيا، من هذه المنطقة. إن أحد عشر إقليما من أصل عشرين إقليما تكوّن القُطر الإيطالي تضع أعلامها على دوري الدرجة الأولى، أي أكثر من النصف قليلا. بالنسبة لرياضة مثل كرة القدم، والتي دائما ما توصف بـ«اللعبة القومية»، والتي تنتمي للجميع ويجب أن تكون تعبيرا عن الجميع، نأمل أن يحدث اتساع جغرافي قريبا.