الفتح.. الاتحاد بين الرهبة والربشة

محمود تراوري

TT

«نجحنا في التخلص تدريجيا من رهبة مواجهة الفرق الكبيرة والجماهيرية». هكذا يلخص المشرف العام على فريق الفتح، أحمد الراشد، سر نيل فريقه لقب الدوري السعودي هذا الموسم، الذي توافق إنجازه غير المسبوق مع فوز فريق زامورا المغمور بلقب الدوري الفنزويلي لكرة القدم لأول مرة في تاريخه هذا الموسم، ليصبح الفريق رقم 20 الذي يفوز بالدوري الفنزويلي منذ دخول الاحتراف كرة القدم في البلاد عام 1957.

تحقيق زامورا والفتح بطولة الدوري، ومسألة «التحرر من رهبة الكبار»، بحسب ما نسب للراشد في حديث صحافي؛ يحيلنا بالضرورة إلى المفاجأة الاتحادية ذات العيار الثقيل بتتويجه بطلا لكأس الملك للأبطال، في ظل وضع إداري صاخب غير مستقر، واجهت فيه الإدارة طوفانا من الغضب الجماهيري، وتماهيا من قبل بعض الطروحات الإعلامية، مع هذا الغضب، في ممارسة مدهشة تجلى فيها بوضوح أن الجماهير هي التي تسير بعض الطروحات الإعلامية، وظهر التجلي أعمق، عقب تحقيق الاتحاد البطولة!

هذه واحدة من أولى مخرجات المباراة النهائية، ذات الأهمية عندي، وتبقى نقاط مهمة كثيرة، منها المعركة الصغيرة في مبناها والعميقة في معناها، التي اندلعت مرتين، بين ناصر الشمراني ومدربه برودوم، في تعبير يراه البعض فجا، ويمكن تصنيفه في خانة السلوكيات، وأدبيات إظهار الغبن، ووصول مدافع الشباب نايف القاضي الذي يسأل عن ثلاثة من الأهداف الأربعة التي دخلت مرماه، إلى نهاية مشواره الكروي بعد سنوات حافلة في الأهلي والشباب والمنتخب، لكن الأهم عندي هنا الآن تقديم فهد المولد نفسه موهبة كروية ستكتمل لـ«مهرجان فرح» لو كرر ما فعله العاجي الشهير يحيى توريه، الذي اعترف في أحد لقاءاته بفضل الهولندي ريكارد عليه، حين كان يخصص له عقب مران الفريق فسحة من الوقت ليخلصه من «الأداء العشوائي»، وهو ما يحتاج إليه بشكل فوري «الفهد» الاتحادي الذي تجانس مع «النمور»، وحول الأداء الاتحادي لمجموعة من أصوات تبث الذعر في «الغابة»، إضافة إلى ظهور شيء مما يمكن التعبير عنه بالدارجة العامية بـ«الربشة». باختصار المولد يحتاج لـ«شغل» كثير، ليصير نجما كبيرا، يعوض ما فقدته الكرة السعودية من مواهب خارقة، لم تكتمل، احترقت مبكرا، لأنها لم تجد من يعتني بها، ولعل أقربهم للذاكرة الآن عبيد الدوسري وفهد الغشيان.

بين التحرر من الرهبة والتخلص من الربشة مسافات من التعب، محاطة بعراقيل، وعواطف مشبوبة، وتبقى المعرفة هي الرهان الأول والأقوى لتحقيق ما نريد. أو هكذا أظن.