ليلة النجوم.. بالوتيللي ونيمار

ماسيمو تشيكيني

TT

منذ ما يزيد على قرن مضى، بدأ الأخوان أوغست ولوي لومير في سرد الأحلام. وقد فعلوا هذا بطريقة مختلفة عن الجميع، بفضل ابتكار أداة، وهي «البروجكتور»، قادرة على الإمداد بالصور التي تتحول إلى سينما، وهي المرحلة الوسط بين الفن والاستعراض. وهكذا، ربما كانت أيامنا التي تفتقر إلى الأبطال بحاجة إلى أخوين افتراضيين يضيئان البرازيل بلا ابتسامات، وقد وجدناهما في شابين اكتشفا بالفعل «علاقة أخوة» غريبة تم رصدها في «تغريدات» كثيرة عبر الإنترنت، وستزداد قوة مباشرة في العطلات القادمة حيث سيقضي الاثنان جزءا منها معا مثلما ضربا موعدا. وإذا كان منتخب إسبانيا يبدو كتلة واحدة متآلفة تقدم كرة قدم كاملة، فإن نيمار وبالوتيللي في الواقع يمثلان غلاف كأس العالم للقارات الممتلئة بالتوترات، ومن يدري؟ قد يكونان كذلك خلال مونديال العالم القادم الذي سيبدأ في غضون عام واحد فقط.

وقد انعكس انتظار تحديهما، ربما، بالكامل في طمع فيليب سكولاري الذي أقر يوم الجمعة الماضي: «أود أن يتمكنا من اللعب معا». وفي انتظار أن تهدي سوق الانتقالات معجزات يوما، ينبغي علينا الارتضاء برؤيتهما معا في مستطيل أخضر واحد، بينما يبدآن تحديهما بعناق أمام جماهير الساحرة المستديرة في مختلف أنحاء العالم وينهيانه بنفس الطريقة داخل غرف خلع الملابس متبادلين القمصان. وقبلها، بمجرد أن أطلق حكم المباراة صافرة النهاية، أهدى نيمار قميصه إلى الشعراوي ومتلقيا في المقابل قميص الفرعون. إنها مشاهد أشبه بالكرتون، لكنها بالطبع تختلف عن تلك التي في الملعب، نظرا لأن بالوتيللي في الدقيقة الـ7 سقط على الأرض متألما بسبب تدخل عنيف يستحق البطاقة «الصفراء» من جانب ديفيد لويز. لم يكن هذا كافيا، حيث حصل نيمار نفسه على إنذار في الدقيقة الـ29 بسبب تدخل قاسٍ على أباتي، الذي كلف مدافع الميلان المصاب الخروج مبكرا.

لكن الجميل جاء في ما بعد، حيث أظهر مهاجم الآزوري قوة وعضلات بحيث يتقدم بالفريق حينما تعاني إيطاليا، بينما نيمار الذي أشاد بماريو في نهاية المباراة، وقال عنه «هو لاعب كبير»، يتحرك بحيوية شديدة في المساحات مثل ثعبان الكوبرا الذي استفزته حشود تصرخ فيه. بينما الشوط الثاني يؤكد قوة الاثنين، وبعد تقدم البرازيلي كانت لمسة كعب رائعة من بالوتيللي هي التي أطلقت جياكيريني نحو المرمى ليسجل هدف التعادل. لكن نجم المنتخب الإيطالي لم يتمالك أعصابه، وهكذا تسببت في كرته الحرة التقدم إلى البرازيل. وهو القدر الكافي حتى يخرج نيمار (صاحب الهدف الثالث في نفس عدد المباريات) وسط التصفيق من جانب جمهور على قناعة أنهم يتعين عليهم انتظار نهاية فيلم متوقع. وعلى العكس ظل بالوتيللي في تصدر مشهد مكتوب للنجوم، وقاد حماس الآزوري والجماهير تخشاه، لدرجة أنه بعد تسديدة له كانت قاب قوسين أو أدنى من القائم بدأ الاستاد بأسره يصرح بشتائم فظيعة تصفه بالشاذ. وهي الإهانة التي سمعها من قبل أمام المكسيك، لكنها صارت قوية هذه المرة لأن 50 ألف مشجع يصرخون بها معا. إنها أمور سخيفة من زعيم العالم الآخر، التي تثير الرغبة في الانتقام. كما هو مع إسبانيا في نصف النهائي. «منذ عام وأنتظر الانتقام»، هكذا كتب بالوتيللي على «تويتر» بعد مباراة أمس، متذكرا نهائي أمم أوروبا العام الماضي الذي خسره العام الماضي. بعدها قد يأتي دور البرازيل في النهائي. وحينها سنسمع عن «السينما» التي يصورها نيمار وبالوتيللي، وهما شقيقا الفن، يجري الحديث عنهما مرة أخرى لسنوات طويلة.