التعليق: غارسيا وفريقه روما مثل ليل الفرنسي

أليساندرو دي كالو

TT

في واحدة من أحلك لحظات تاريخه، حينما كان يجد نفسه يسحق من قوة خصومه التاريخيين والمرصعين بالنجوم، بدأ نادي برشلونة البحث عن مدرب جديد. كان بحاجة لمدرب رفيع الشأن، وقادر على الأقل على تحطيم الهيمنة التي فرضها نجوم الريال. مدرب مثل غوس هيدينك كان يبدو مناسبا تماما، خسارة أن المعلم الهولندي قد قال لا، شكرا. ومن ثم تم التحول إلى رونالد كويمان، الذي كان في مرحلة إقلاع رأسي، لكن أياكس لم يتخل عنه. وكخيار ثالث، في النهاية، وصل فرانك ريكارد. وخلال فترة وجيزة أرسى نجم الميلان السابق قواعد أفضل فريق للبارسا على الإطلاق، وصار معشوقا لجماهير كامب نو، ووضع تحت أقدامه الخصوم التاريخيين، وفاز ببطولتي دوري، وكؤوس سوبر، وحتى تشامبيونزليغ.

رودي غارسيا أيضا، كان خيارا ثالثا في نادي روما. حيث كان مسؤولو النادي يسعون نحو مدرب من أصحاب الأجور العالية، مديرا فنيا مثل لوران بلان، الذي كان مدربا لمنتخب فرنسا وقدره تدريب الفرق الكبرى، وبالفعل يقود باريس سان جيرمان حاليا. كما كانت توجد فرصة أليغري، المؤرق اللطيف، والذي يبدو بعيدا بسنوات ضوئية الآن. وكان الشد والجذب، الذي تم حله في أركوري بعد تأكيد استمرار المدير الفني في قيادة الميلان، كان قد فتح ثقبا أسود في مستقبل نادي روما، والذي كان يعيش واحدا من أسوأ فصول الصيف في تاريخه الحديث. وأمام غارسيا، الذي يفوز أكثر من مورينهو ويتكلم مثل البابا فرانشيسكو، من السذاجة الاعتقاد بأن ذلك الرفض من جانب أليغري كان مباركة حقيقية. وهو تقريبا حق تم سلبه يجب الثأر له، يضاف إلى الدفعة الضخمة، وإلى التعطش للثأر الذي تبع الخسارة في كأس السوبر الإيطالية أمام لاتسيو.

«من رودي؟»، هكذا كان يتساءل جمهور روما الشرس إلى حد ما وغير المبهور بالقدر الكافي أمام مدرب يبدو أنه وصل إلى روما للقيام بدور المعالج الفاشل، لتضاؤل شديد في الحجم والقيمة. رحل الكبار، لاميلا وماركوينهوس وأوسفالدو وهم لاعبون كبار جلبوا أموالا كبيرة، وتم فتح الباب أمام أصحاب أمجاد قديمة «من نوعية مايكون ودي سانكتيس»، وأسماء متوسطة المستوى «بيناتيا، وجيرفينهو وليايتش»، ورهان غير مؤكد «شتروتمان». وكان لقب «غارسيا» يستدعي نفس سجع «زورو» أكثر من وجه المدرب الذي يدخل ضمن قائمة أفضل عشرة مدربين بالعالم عام 2011.

إن 2011 كان عام الانطلاق النهائي للمدرب رودي غارسيا، والذي استطاع حمل فريقه ليل الفرنسي إلى لقب الدوري الفرنسي، والذي كان يغيب عنه منذ أكثر من نصف قرن، بعد أيام قليلة من الفوز بكأس فرنسا أمام باريس سان جيرمان. والآن، في روما، يعظم الرقم القياسي بعشرة انتصارات متوالية من قيمة غارسيا، الذي لم يعد جراحا وإنما ساحرا، ويقارنوه على «تويتر» بتشاك نوريس، وهو الممثل الذي يتجاوز السبعين عاما ويتخصص في الفنون القتالية، ومحور أخبار مبالغ فيها ولا يمكن تصديقها على شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت. من الصعب التفكير بأن غارسيا بوسعه حقا التغلب على أنطونيو كونتي، لكن بالطبع استطاع الفرنسي وضع الأمور في مكانها السليم، مثلما يعشق تكرار هذا. توجد استمرارية قوية في التاريخ لهذا المدرب، والذي يحمل نفس اسم دراج ألماني ويريد أن يتحدث كل اللاعبين بالإيطالية، لأنه يعرف قيمة التكامل والانسجام جيدا، لكونه ابنا لمهاجرين من إسبانيا. إن فريقه ليل بالنسبة لروما، مثل الحرباء للتمساح، من ناحية نوع كرة القدم التي يقدمها، وجيرفينهو هو نفس اللاعب الذي قاد إلى العرش في فرنسا عبر 14 هدفا. واستعادة سريعة لخدمات توتي لا يمكن إلا أن تسهل تكرار الإنجاز، لكن منافسة اليوفي وفريق نابولي هذا، هي مهمة ليست بالسهلة أبدا. إن رفائيل بينيتيز يعتبر نموذجا بالنسبة لغارسيا، حيث كان أشبه بالمعلم له خلال فترة تدريبه فالنسيا الإسباني، ويتواصلان كثيرا. ومن يدري ماذا يقولان فيما بينهما، والآن، وقد قهر التلميذ معلمه ويمضي قدما بسرعة بين الأرقام القياسية والأداء الساحر.