شراسة يورنتي الجديدة تمنحه لقب «العملاق اللطيف»

سانتياغو سيرغورولا

TT

يعرف اليوفي جيدا المهاجمين الأقوياء المتمكنين «على الطريقة الإنجليزية» كما كانوا يقولون من قبل. لكن اليوم لا أحد في الكرة الإنجليزية يثير اهتمام باقي أوروبا، فالآن يبتعد أكثر دائما زمن اللعب المباشر القائم على البنية الجسدية العملاقة والقوة الرياضية والنقطة المرجعية في الملعب. وهومبري ديانا (هدف) كان معروفا في إسبانيا بصدره الذي يستهدف كل الكرات المتجهة نحو منطقة الجزاء. ولم يكن المعتاد تمييز لاعب كرة القدم سواء بمهارته الفنية أو أناقته، لكنهم كانوا مفيدين ومحل ثقة، لذا كانوا لعشرات الأعوام لا غنى عنهم.

ومنذ أكثر من 40 عاما مضى تمكن اليوفي من إدماج جزء من حلم كرة القدم الإنجليزية الذي سرعان ما أصبح أسطورة بفضل كرة القدم الإيطالية. وكان يُدعى جون تشارلز، وقبل الوصول إلى إيطاليا كان يلعب مع ليدز يونايتد، وكان يُلقب بالعملاق اللطيف. ويُذكر أنه أحد اللاعبين البريطانيين القلائل الذين ينتقلون للقارة العجوز. أما الآن يمكن لليوفي الاعتماد على عملاق آخر، وهو فيرناندو يورنتي المقبل من نادي أتلتيك بلباو، الذي يعتبر مميزا في كثير من الجوانب ويجمع كثيرا من خصائص الكرة الإنجليزية. ونذكر أن يورنتي انتقل إلى مدينة بلباو في عمر 11 عاما، حينما كان طويلا جدا ونحيفا جدا. واعتبرته الجماهير مستقبل الفريق المقبل وخليفة العملاق الآخر إسماعيل أورزايز الذي ظل مخلصا لفريق أتلتيك بعد تنقله بين الأندية الإٍسبانية.

ويستحق فيرناندو يورنتي لقب العملاق اللطيف مثل جون تشارلز، لأنه ليس لاعبا عنيفا أو قليل الاحترام. على النقيض يقر له الجميع بحسن الخلق والروح الرياضية العالية، تلك الهبات التي لا تقدرها الجماهير دائما. وكان مطلوبا منه في بلباو ضراوة أكبر، فلم تفهم الجماهير على سبيل المثال تلك التحية التي كان يرسلها لجماهير ريال مدريد التي كانت تصفق له عندما يقوم للإحماء. وفي مجال كرة القدم فضّل يورنتي دائما اكتساب الصداقات على العداوات، فهو إنسان مهذب.

وأسلوبه اللطيف كان يُرى في إسبانيا على أنه عائق محتمل بين اللاعب والكرة الإيطالية، لأن الإسبان يرون الدوري الدرجة الأولى الإيطالي ميدانا ضاريا وقويا يشجع الاحتكاكات ولا يتحمل اللاعبين أصحاب الطباع الباردة. وفي الأعوام العشرة التي أمضاها فيرناندو في الفريق الإسباني تحسن عاما تلو الآخر، واستحق قميص المنتخب وشارك في مونديال 2010، الذي قدّم فيه أداء رائعا للغاية في ربع النهائي أمام البرتغال، حيث دخل المباراة من الشوط الثاني وأثار جنون بيبي وبرونو ألفاريز، وهما أحد لاعبي قلب الدفاع الأكثر شراسة في العالم. وفي هذه الليلة اجتاز يورنتي الامتحان بتفوق.

وفي بداية مسيرته الكورية لم ينجح في فرض شخصيته بالكامل مستخدما بنيته الجسدية القوية. لكنه وصل للنضج الكامل وتفجرت موهبته متأخرا، كما يحدث في العادة لهذا النوع من المهاجمين. وأخيرا، قُرب الثلاثين، ساعده جسده وطوله وقدرته على اللعب أمام المرمى في التفوق على مدافعي الخصم. وفيما يتعلق بشخصيته فلن يكف أبدا عن التصرف بلطف، حتى وإن كان يتطلع للعب بطاقة وإصرار في إسبانيا. وعندما نشرت جريدة إيطالية رياضية مقالا عنه تحت عنوان: «هل هو وحده جميل؟» عندما كان يورنتي يجلس على مقعد البدلاء، أساءه ذلك لكنه لم يشعر بالإهانة، ورد بأهداف مهمة في الملعب وباللعب بشراسة في منطقة الجزاء، ذلك الأمر الذي لم يتخيله أحد حتى في إسبانيا. وكل ذلك دون التخلي عن خلقه الحسن اللطيف الذي يميزه منذ الطفولة.