أستراليا.. أعادت الحسابات من جديد

سعد المهدي

TT

9 منتخبات عربية تخوض منافسات كأس آسيا 2015 التي بدأت يوم الجمعة الماضي في أستراليا، ولكن الطموحات متباينة، والاستراتيجيات مختلفة، خاصة بعد خروج 4 منها إلى خارج البطولة، ولا يتفقون فقط إلا في هاجس الخوف من العقاب الجماهيري، الذي تفرضه النتائج المخيبة وتهيئ له وسائل الإعلام.

منتخبات الكويت والسعودية والعراق حققت 5 ألقاب من الـ15 نسخة الماضية، وحصلت إيران على اللقب 3 مرات، أي أن منتخبات غرب آسيا حققتها 8 مرات، وتركت للشرق والجنوب 6 ألقاب، كانت من نصيب كوريا الجنوبية مرتين، واليابان 4 مرات، وفازت إسرائيل به مرة واحدة 1964 قبل أن يتم طردها من عضوية الاتحاد الآسيوي.

ولأن فكرة الفوز بالكأس إلى الأبد ليست واردة، فإن منتخب اليابان الذي حصد اللقب 4 مرات ما بين 1992 و2011 بوصفه أكثر منتخب يفعل ذلك، سيكون حصوله على اللقب الخامس هذه المرة ليس مضمونا بطبيعة التاريخ، ومنطق السنن الكروية التي أبقت كوريا الجنوبية 55 عاما بعيدا عن البطولة التي حصلت على أول وثاني ألقابها، وظل منتخبها يتمتع بسمعة كروية حتى يومنا هذا، وكما هي حال إيران التي بعدت عن اللقب منذ 1976 والكويت منذ 1980، مما يعني أن على السعودية أن تستعد لشيء كهذا بصفتهت أمرا طبيعي الحدوث، لكن يمكن تحديه حتما فقط على أرض الميدان.

الكويت والسعودية، أول المنتخبات العربية الحاصلة على اللقب الآسيوي، خسرتا مواجهتهما الأولى أمام أستراليا والصين وكوريا الجنوبية، ولحق بهما العماني بخسارته أمام كوريا الجنوبية وأستراليا، ما يعني أن الأمور ربما لن تكون على ما يرام لهذه المنتخبات خلال البطولة؛ إذ خسروا جميعهم ولم يحقق أي منتخب عربي الفوز إلا على نظيره العربي؛ الإمارات على قطر، والعراق على الأردن، ما يؤكد أن فرصة التعديل ستزداد صعوبة مع المواجهات المقبلة، ولا أعتقد أن حال بقية مباريات المنتخبات الـ9 المشاركة ستكون أفضل بكثير، لكن فرص المنافسة تظل قائمة، وإمكانية أن يحقق أحدهم الطموح على أي نحو واردة أيضا.

كابتن منتخب فلسطين لنهائيات كأس أمم آسيا 2015 رمزي صالح قال: «إن مجرد وصولنا هنا إنجاز لقضيتنا لنقل رسالة شعبنا إلى العالم. إنه أمر مهم بالنسبة لنا أن يعزف نشيدنا الوطني، ويرفع علمنا أمام أعين العالم». وهذا حدث أمام اليابان حتى وإن كان ثمنها خسارة المباراة بـ4 أهداف نظيفة، لكن المنتخب الفلسطيني الذي جمع لاعبيه من كل حدب وصوب (تشيلي، السعودية، مصر، هولندا، سلوفينيا) ومن قطاع غزة والداخل الفلسطيني المحتل، أحيا في الأذهان ذكريات طرد إسرائيل والدور الذي لعبه ممثلو الدول العربية في الاتحاد الآسيوي، بالذات الكويتي أحمد السعدون، إلا أن قبول انضمام أستراليا 2005 لعضوية الاتحاد دعا الإعلامي العراقي مؤيد البدري في مقالة صحافية نشرت عام 2008، إلى التحذير من أن يكون ذلك مقدمة لعودة إسرائيل للآسيوي، بعد عجزها عن تحقيق أي إنجاز في القارة الأوروبية، ما يعني تقويض الجهود التي بذلت في الماضي من الاتحادات العربية، وأدت إلى الطرد منذ اجتماع هونغ كونغ 72، إلى إيران 74، ومعه التذكير بالرفض العربي المماثل، لانضمام أستراليا للاتحاد، وها هي تحصل على العضوية، مع الفارق في السبب المرتكز فقط على ما قد يسهل من فرص وصولها لنهائيات كأس العالم على حساب المنتخبات الآسيوية.

اليوم، أستراليا تحتضن بطولة كأس أمم آسيا الـ16، وهي المشاركة الثالثة لهذا البلد القارة، والكل في انتظار ما إذا كان يمكن له أن يبرهن على تجاوزه المنتخبات فنيا وبدنيا، بالقدر الذي يمكن فيه ليس الحصول على هذه البطولة فحسب، بل أن يضرب موعدا مع هيمنة على الكرة الآسيوية لسنوات طوال، بعد أن بدأ حصاده على مستوى الأندية الأبطال، وبالتالي يجبر منتخبات القارة على إعادة حساباتها، والنظر من جديد في مدى سلامة استراتيجياتها بعد أن كانت تبحث عن حلول لمواجهة التسونامي الياباني، وهو ما يتوافق مع ما كان ينظر إليه رئيس الاتحاد الآسيوي السابق الذي قال: «إن انضمام أستراليا سيرتد إيجابا على المنتخبات الأخرى لتطور نفسها؛ لأن ميزان القوى مختل لمصلحة أستراليا، وعكس ما ذهب إليه المدير التنفيذي للاتحاد الأسترالي جون أونيل حين اعتبر أن انضمامهم سيحدث تغييرات جذرية، وسينقلهم من المنافسات المحلية إلى الإقليمية، وأنه سيسهم في تطوير كرتهم على صعيد الأندية والمنتخبات».

الاتحادات الـ46 الأعضاء المنضوية تحت مظلة الاتحاد الآسيوي، القارة الكبرى، والتعداد السكاني الأكثر، في حاجة للصوت الذي يقاوم الأطماع، ويحارب الفساد الذي يمكن له أن يبيع فيها ويشتري، والمخطط الذي يمكن له أن يجسر العلاقة ذات الفائدة بين أعضائها، والقدرة على نقل التجارب وتعميمها، وتضييق الهوة الاقتصادية بين الأعضاء، من خلال برامج التمويل والتدريب، وتبادل الخبرات، وتقديم مصالح كرة القدم الآسيوية في البلدان، على مصالح الأفراد، الطامعين في المناصب، ومن يمكن أن يورطنا في قرارات مفصلية، كما هو في حال الطرد أو الضم. من أجل أن يصبح رئيسا أو عضوا.