أهمية من سيختاره الإيرانيون

افتتاحية «الشرق الأوسط»

TT

خلال الأشهر الأخيرة الماضية قيل الكثير عن الانتخابات الرئاسية المقررة في إيران خلال أيام. وكان الإعلام العالمي قد تابع باهتمام مئات الترشيحات التي قدمت قبل أن يعتمد «مجلس صيانة الدستور» أسماء ثمانية مرشحين فقط لخوض المعركة الانتخابية.

من أصل المرشحين الثمانية الذين سمح لهم بخوض المعركة الانتخابية يوم الجمعة المقبل 14 يونيو (حزيران) الجاري ستة محسوبون على التيار المحافظ المرتبط بـ«المرشد الأعلى» آية الله علي خامنئي، أشهرهم خارج حدود إيران سعيد جليلي، كبير المفاوضين بشأن ملف إيران النووي، والدكتور علي أكبر ولايتي، وزير الخارجية الأسبق ومستشار خامنئي للشؤون الخارجية. وفي المقابل، هناك مرشح واحد يصنف من الإصلاحيين هو محمد رضا عارف، ومرشح ثان هو حسن روحاني - وهو رجل الدين الوحيد بين المرشحين الثمانية - الذي يوصف عادة بـ«المعتدل».

والواضح أن استبعاد «مجلس صيانة الدستور» كلا من الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وأصفنديار رحيم مشائي صهر الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد ومرشحه المفضل، أربك الساحة إلى حد ما. غير أن الأمور سارت بسلاسة بعد ذلك. وأخذت المساومات والمناورات، ومعها التخمينات حول «السيناريو» المرجح للمعركة، تترى في الإعلام وفي كواليس المحللين المتابعين للشأن الإيراني.

وطرح البعض احتمال توصل المحور الإصلاحي – المعتدل إلى تفاهم ضمني للوقوف في وجه تشتت أصوات المحافظين على مرشحيهم، مما يكفل وصول مرشح واحد من المحور الإصلاحي – المعتدل إلى الجولة الثانية الحاسمة إذا ما أخفق أي من المرشحين في تجاوز حاجز الـ50 في المائة في الجولة الأولى.

بصرف النظر عن وجود فرص للاعتدال في الفوز، أو قل الصمود، في وجه التنامي المطرد لنفوذ تحالف المحافظين و«حراس الثورة»، ثمة قلق كبير خارج إيران وداخلها من إشارات خطر متزايدة لوجود نية عند هذا التحالف لتقزيم منصب الرئاسة أمام موقع «المرشد الأعلى».. بل إن كثرة من المحللين متيقنة من أن هذا التحالف المحافظ – الأمني يحظى برعاية مباشرة من «المرشد الأعلى»، وبناء عليه لن تغير الانتخابات شيئا. غير أن الحياة السياسية الإيرانية فيها من الحيوية والوعي ما يبشر بأن حالة الهيمنة الحالية للمحافظين، الدافعة للهروب إلى الأمام في شتى المجالات الخلافية على الصعيدين الإقليمي أو الدولي، لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية.

إن ثمة استحقاقات إقليمية دقيقة ما عاد بمقدور طهران تمويه أولوياتها إزاءها، على رأسها التطور الخطير للأزمة السورية وانزلاقها بدفع مباشر من طهران إلى مواجهة طائفية دموية مفتوحة تجاوزت الإطار السوري، وباتت تمس العراق ولبنان ومنطقة الشرق الأدنى عموما.

كذلك هناك الاستحقاق النووي الذي ناورت فيه القيادة الإيرانية طويلا مع المجتمع الدولي، بالتوازي مع مد نفوذها في مختلف أنحاء الشرقين الأدنى والأوسط، بل حتى في شمال أفريقيا. وكانت مخاطر المشروع النووي الإيراني قد تجلت أخيرا، خارج التجاذب السياسي والأمني، على المستويين البيئي والجيولوجي، حيث لا ضمانة لسلامة جيران إيران من خطر الإشعاعات النووية، بالنظر للطبيعة الزلزالية لمعظم أراضي إيران، ولا سيما مناطقها المطلة على الخليج مثل المنطقة المحيطة ببوشهر.