35 عاما بلا تثاؤب

افتتاحية «الشرق الأوسط»

TT

من حق صحيفة «الشرق الأوسط» أن تحتفل بإطفاء شمعتها الخامسة والثلاثين اليوم، ذكرى إصدار أول أعدادها من العاصمة البريطانية لندن، صحيفة لكل العرب في مشروع كان فريدا وجريئا في وقتها، واستطاعت أن تحافظ طوال هذه السنوات على تألقها وفرادتها وسط أجواء المنافسة وعواصف السياسة العربية، وأن تواكب التغيرات المتسارعة في تكنولوجيا الإعلام.

الاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لإصدار صحيفة العرب الدولية، ليس مجرد ذكرى أو احتفالية للعاملين الحاليين فيها، لكنها أيضا تكريم لأجيال عديدة ساهمت في بناء سمعة هذه الصحيفة وترسيخ مكانتها التي نراها اليوم بين الصحافة العربية والدولية. فلم تصل الصحيفة إلى هذه المكانة إلا بجهد كل رؤساء التحرير السابقين والكتّاب الكبار والصحافيين من مختلف البلدان العربية الذين سطّروا بفكرهم وجهدهم مطبوعة يومية استحقت لقب الصحيفة التي لا تتثاءب.

خمسة وثلاثون عاما تعاقبت على الصحيفة فيها أجيال وأجيال من الصحافيين والكتّاب ورؤساء التحرير والإداريين، كانت السمة العامة فيها التنوع الجغرافي لصحافييها من مختلف الدول العربية لتعكس هويتها كصحيفة لكل العرب، وصحيفة دولية تعد قناة وصل معرفية بين الشرق والغرب.

وفي كل مرحلة كان كل فريق تحريري يضع لمساته وعصارة فكره وجهده في تطوير الصحيفة والارتقاء بها صحافيا ومعلوماتيا وتكنولوجيا، لكن كان هناك خيط دائم ميّز هوية هذه الصحيفة وحافظت عليه بصرامة الأجيالُ التي تعاقبت عليها، وهي الرصانة واحترام عقل القارئ والانحياز دائما للموضوعية والمصداقية والتنوير وعدم الانجرار وراء مواقف شعبوية قد تعطي رصيدا لفترة محدودة لكنها تضرب المصداقية على المدى الطويل.

حافظت «الشرق الأوسط» طوال الخمسة وثلاثين عاما على هويتها كصحيفة لكل العرب، ونعتقد أنها نجحت فيها رغم صعوبة المهمة بحكم الاتساع الجغرافي وتنوع الاهتمامات بين المشرق والمغرب والخليج، فكانت للجميع يجد فيها الكل أنفسهم ويقرأون فيها عن أنفسهم وعن الآخرين ما يثري الاهتمام العربي المشترك ويعرّف الجميع بعضهم ببعض. وبدخول الصحيفة اليوم عامها السادس والثلاثين فإن الصحيفة، التي تميزت بلونها الأخضر، تدخل تحديا جديدا في عالم الإعلام الجديد والإلكتروني، بالتوسع في مشاريعها واستثماراتها فيه اعتمادا على محتواها المتميز الورقي وذلك في إطار مواكبة تطورات تكنولوحيا الإعلام التي لا يستطيع من لا يتثاءب تجاهلها، لكن ذلك يسير بالتوازي مع الهوية الواضحة لها منذ يومها الأول في الموضوعية والمصداقية والتنوير. شكرا لكل العاملين فيها الحاليين، وشكرا لكل العاملين السابقين الذين أوصلوا صحيفة العرب الدولية إلى هذه المكانة.