روحاني.. تفاؤل حذر

افتتاحية الشرق الأوسط

TT

يبدأ الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني فترته الرئاسية الأولى وسط تفاؤل حذر في مختلف الأوساط.

مبعث التفاؤل أن روحاني، كما يصفه عارفوه، شخصية براغماتية تتفهم العالم على حقيقته. أما الحذر فتبرره تعقيدات النظام السياسي الإيراني، والتوازن الدقيق في ممارسة السلطة بين رئيس انتخبه الشعب مباشرة، و«المرشد الأعلى» الذي اختاره «مجلس الخبراء».

إن تشكيلة أول حكومة في عهد روحاني، التي تجمع تكنوقراطيين جنبا إلى جنب مع شخصيات من خلفيات استخباراتية وأمنية، تشجع بدورها على توخي الحذر في مقاربة الموضوع. والواقع أن الرئيس الإيراني الجديد يواجه جملة من المطالب الشعبية الملحة داخل البلاد، ويواجه خارجها مجتمعا دوليا يرى في إيران لغزا تكتنفه الأسرار.

الإيرانيون يأملون من رئيسهم الجديد أن ينهي انقساماتهم ويرعى مصالحة وطنية، وهذا أمر يتطلب قدرا كبيرا من الحصافة والكياسة في التعامل مع معسكرين متضادين، زاد مرورا في سوء الظن الذي يضمره كل منهم نحو الآخر. ثم إن استمرار الانقسام في المجتمع الإيراني، حيث لا إلمام يذكر بشروط اللعبة السياسية، من شأنه التشجيع على مزيد من الراديكالية، وهذا مؤشر سيئ ومقلق للإيرانيين أنفسهم وأيضا لجيرانهم في منطقة الشرق الأوسط.

أما على المسرح الدولي الأوسع، فيتوجب على حسن روحاني العمل على تخفيف التوتر بين إيران والمجتمع الدولي، ابتداء من جيرانها المباشرين طبعا. ومجرد كون قلة قليلة من مجموع جيران إيران الـ15 اختارت أن تتمثل بقادتها أو كبار مسؤوليها في حفل تنصيب الرئيس الجديد يعد تأكيدا لعزلة البلاد في بيئتها الجغرافية.

من الناحية الإيجابية، يلاحظ أن روحاني بدأ بالفعل يغير النبرة الحادة، بل والطبيعة العنفية للسياسة الخارجية الإيرانية، ولكن مقابل ذلك، مع الأسف، جوبهت تعابير روحاني التصالحية بتصريحات عدوانية من «المرشد الأعلى».

إن عزلة إيران، كما سلف التلميح، ليست وضعا سيئا للإيرانيين فحسب، بل للمنطقة برمتها، وما هو أبعد منها أيضا، ذلك أن إيران دولة مهمة وأمة عظيمة تتمتع بتاريخ عريق قدمت على امتداده الكثير للحضارة البشرية. وبالتالي فإسهاماتها قد تكون ذات قيمة عظيمة في التأسيس لحالة من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. إلا أنه إذا كان لإيران لعب دور بناء وإيجابي فعليها التخلي عن بعض المطامح الثورية التي عفى عليها الزمن. والقصد هنا الكف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى تحت شعارات آيديولوجية باتت في حالة دفاع عن النفس في عقر دارها، أي داخل إيران نفسها. كذلك عليها اعتماد مزيد من الشفافية في ما يتصل بمشروعها النووي المجلل بغموض خطير.

في أحاديث روحاني الخاصة، لا يتردد الرئيس الجديد في وصف سنوات رئاسة سلفه محمود أحمدي نجاد بـ«السنوات الضائعة»، وعليه يجب أن يضع نصب عينيه مهمة إنقاذ إيران من سنوات أخرى ضائعة.