رسالة سعودية للعالم كله

افتتاحية «الشرق الأوسط»

TT

الموقف السعودي بالاعتذار عن عضوية مجلس الأمن أتى مدويا في أثره وصداه.

الخارجية السعودية في بيانها شرحت الرؤية السعودية، التي يشاطرها فيها عقلاء العالم تجاه آليات العمل الدولي في محفل الأمم المتحدة، من خلال مجلسها الحاسم، مجلس الأمن.

مما قاله بيان الخارجية السعودية بعد «توبيخ» سياسة البرود والتسويف الدولية تجاه الكارثة السورية الحديثة، والفلسطينية القديمة، أن السعودية «انطلاقا من مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتها العربية والإسلامية (...) لا يسعها إلا أن تعلن اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه».

رسالة مباشرة لا تقبل التأويل.

وهي، للمناسبة، ليست نتيجة انفعال لحظي، بل نتيجة تمحيص ثم مجموعة إنذارات وإشارات أرسلتها المملكة من قبل، احتجاجا على «لعبة الأمم» تجاه الكارثة السورية. وكان آخر هذه التنبيهات إحجام السعودية عن إلقاء كلمتها المجدولة في قاعة الأمم المتحدة. ثم موقفها الأخير هذا في الاعتذار عن مجلس الأمن.

ليس موقفا لحظيا إذا ما تذكرنا كلمة خادم الحرمين الشريفين في القمة الإسلامية الأخيرة بالقاهرة التي عقدت مطلع هذا العام، وهي الكلمة التي ألقاها نيابة عنه رئيس الوفد السعودي، ولي العهد الأمير سلمان، وكانت أصرح إشارة لغضب الرياض من اهتراء مؤسسة الأمم المتحدة، ومما جاء في تلك الكلمة بعد نقد عجز مجلس الأمن الدولي في مجلس الأمن تجاه سوريا وفلسطين: «إذا فشلنا في جعله (مجلس الأمن) يهب لنصرة الأمن والسلم الدوليين (...) فعلينا أن ندير ظهورنا له وأن نعمل على بناء قدراتنا لحل مشاكلنا بأنفسنا».

بل قبل هذه الكلمة المكتوبة في تلك المناسبة الرسمية، كان خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وفي كلمة مرتجلة أثناء استقباله لضيوف السعودية من المثقفين والساسة في مهرجان الجنادرية بالعاصمة الرياض، بعد «الفيتو» المزدوج من روسيا والصين لمنع صدور قرار دولي يلجم آلة القتل الأسدية، قال الملك عبد الله لضيوف الجنادرية السعودية: «ثقة العالم كله في الأمم المتحدة ما من شك أنها اهتزت».

رسائل سعودية تترى منذ أكثر من سنة لمؤسسة الأمم المتحدة، لكن لا مجيب، فكانت خطوة الاعتذار عن عضوية مجلس الأمن بمثابة تعليق الجرس للعالم كله.. لعل وعسى تصحو العقول وتحس الضمائر.