طغيان ولاية الفقيه خارج الحدود

نبيل الحيدري

TT

صرّح رجل الدين الإيراني مهدي طائب، في فبراير (شباط) الماضي، بأن سوريا تمثّل المحافظة الخامسة والثلاثين الإيرانية، وأنها محافظتهم الاستراتيجية، وأهميتها تزيد على محافظة الأهواز وخوزستان. انّه تصريح في غاية الأهميّة بل الخطورة من قبل مسؤولٍ مهم. فمهدي طائب، من الملالي المتشددين، ويرأس مقر «عمار» الاستراتيجي لمكافحة الحرب الناعمة ضد الجمهورية (الإسلامية) الإيرانية، الذي أسس عام 2009 إثر الانتخابات، المتهمة من قبل الشعب بالتزوير، وخروج المظاهرات العارمة ضدها بشعارات «الموت للديكتاتور» في تلميح للولى الفقيه صاحب الصلاحيات المطلقة، واحتكار السلطات الثلاث بيده، فضلا عن غيرها من المؤسسات المهمة. إن مركز «عمار» يضم سياسيين وملالي متشددين يعرفون بـ «أنصار حزب الله»، ويقود «الباسيج» التي اتخذت شعارا لها «الموت لأعداء ولاية الفقيه» ويطبّقونه على كل من يطالب بحقه وكرامته وإنسانيته. وكان لـ«الباسيج» الدور الأكبر في القمع الوحشي للمظاهرات، وتاريخها مليء بالظلم والقمع للشعب. إن تصريح طائب خطير جدا، فسوريا بلد عربي وليس محافظة إيرانية كما يزعم، ثمّ إنه جعلها المحافظة الـ35، علما بأن عدد المحافظات الإيرانية 31 محافظة، وهذا يعني تبييت النية لإضافة دول اخرى اليها، مثل لبنان بعد ان يسيطر «حزب الله» كلّيا على القرار والحكومة اللبنانية، ويزيح مكونات الشّعب اللبناني المختلفة عن القرار السّياسي. ثم العراق، بعد سيطرة الأحزاب الطائفية التابعة لولاية الفقيه عليه، وكذلك البحرين الدّولة العربية المستقلة، التي ما زال الخطاب الإيراني يعتبرها تابعة له، ويؤسس الخلايا في محاولات لقلب نظامها وزرع الفتنة الطّائفية فيها.

إن تصريحات طائب ليست عابرة، بل هي جزء من التصريحات الدائمة والممارسات المستمرة من أعلى المستويات، كتصريحات الولي الفقيه علي خامنئي وأتباعه، في إيران وخارجها. ومنها احتلالهم للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التي يرفضون حتى التفاوض على وضعها أو مناقشته في عنجهية وغرور بعيدين كل البعد عن الإسلام وأخلاقه.

ويكشف تقرير من «البنتاغون»، الذي يتكون من أكثر من 64 صفحة، عن خلايا إيران السّرية المختلفة في أنحاء العالم، وتواطئها مع «القاعدة» والعديد من المؤسسات الإرهابية المختلفة، وعن شبكة تجسس تزيد على 30 ألف فرد، ومؤامراتها ضد الخليج العربي والشّعوب العربية، والتجسس والتخريب وسرقة المعلومات ومختلف الأعمال . كما ذكر التقرير بالتفصيل «فيلق القدس» الإيراني ونشاطاته المختلفة، واستعماله العنف، وارتباطه المباشر بشخص خامنئي. إنّه إسلام خاص بهم لا يسمح لأكثر من مليوني سني في طهران ببناء مسجد واحد لهم. لقد ظهرت الحقيقة، وكُشفت المؤامرات الإيرانية ومخططاتها التوسعية، والشعب الإيرانيّ يحاول الخلاص من استبداد حكامه، فالنّظام الإيرانيّ مهدّد من الداخل والخارج، وأكثر من 70% من شعبه يأمل في نسيم الحرية والكرامة، علماً أن المجتمع الإيراني يتكوّن من قوميات متعددة، معظمها مضطهدة، كالعرب والأكراد والبلوش، وهي تخرج في المظاهرات وتنعت خامنئي بالديكتاتور. وقد انقسمت القيادات في صراعها العنيف حول السّلطة. وكل من اعترض على سياسيات خامنئي مثل مير حسين موسوي، ومحمد خاتمي، وعائلة رفسنجاني، ومهدي كروبي، وعبد الكريم أردبيلي، ويوسف صانعي، ومحمد علي كرمي، ورضا الصدر وغيرهم، صار موضع تخوين وملاحقة، وبدأ النظام يأكل أبناءه بعد أن شاخ وهرم، وأصبحت العقوبات الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على الوضع الداخلي، الأمر الذي أدى إلى تذمر الشعب من حكامه وسياساتهم واستغلالهم للدين. كما هرب االكثير من الإيرانيين إلى دول أوروبا وأميركا، بحثا عن الحرية والكرامة والإنسانية. وهذا يُبشر بسقوط النّظام الاستبدادي الذي سرق البلاد والعباد، ولا تحتمله الغالبية العظمى من الشعب الإيرانيّ.

* كاتب وباحث عراقي