جميع الخيارات الأميركية مع إيران مطروحة إلا الحل العسكري

محمد حلواني

TT

بات جليا أن الدور الأميركي العالمي شهد تحولا ملموسا منذ وصول باراك أوباما إلى سدة رئاسة البيت الأبيض.

المهمة الأساسية والشاقة للرئيس الجديد كانت وما زالت ترتيب البيت الأميركي الداخلي والمتصدع من الأزمة الاقتصادية العالمية التي كادت تقصف ظهر أكبر دولة في العالم ومعها أوروبا وبعض الدول الأخرى التي ما زالت تعاني من ذيول هذه الأزمة وارتداداتها حتى اللحظة.

بداية تعامل أوباما مع تركة الرئيس السابق جورج بوش الابن، كانت بإخراج جيشه من العراق على عجل ودون النظر إلى من سيكون الحاكم الفعلي لبغداد. وبدأ معها التركيز على مهمته الأساسية وهي إنقاذ الاقتصاد الأميركي العليل.

تحول أوباما إلى جراح اقتصادي لعملية إنقاذ الاقتصاد، فقطع أوصال شركات وول ستريت وبتر الشركات التي لا أمل بمساعدتها، فضمد جراح البنوك بضخ الأموال في بعضها وساعد أخرى على النهوض فأعاد للاقتصاد المنهار نبض الحياة من جديد بعد أن كان وما زال على شفير الانهيار، نجحت مهمته ولكنها لم تنته حيث لا يزال الاقتصاد المريض في غرفة الإنعاش بتحسن بطيء وليس جديدا في حال الدول.

من تفسيرات علماء السياسة لطرق الحكم واختلاف الحكام بما يعرف «الحاكم العقلاني» أو ما مسماه القيادة الرشيدة، حيث إن الأولوية دائما للخيار الدبلوماسي، لذ يفسح دوما للعلاقات الدبلوماسية والمنظمات الأهلية أن تلعب دورها وتقرب ما بين أفرقائها، أما الخيار العسكري فهو آخر الحلول وأبغضها دائما، كما يقول العرب «آخر الدواء الكي».

ملخص الكلام أن السياسة الأميركية الحالية ليست مغامرة وتعتمد على التأني في قراراتها ومصالحها الداخلية عكس العشوائية التي ميزت الرئيس السابق بوش الذي أخذ على عاتقه مع حليفه بلير قرار إعلان الحرب على الإرهاب منفردين دون وجود أي غطاء مميز، واعتمد بوش على اقتصاد قوي وذريعة أقوى هي اعتداء 11 سبتمبر (أيلول) فاحتل بغداد بتهمة تمويل بن لادن.

أما أوباما، فمن خروج عشوائي من العراق، إلى دعم جوي مع فسح المجال للدور الفرنسي في ثورة ليبيا، إلى حروب كلامية في مصر واليمن، إلى عملية نوعية خاطفة لقتل - أو اختطاف - بن لادن بتوقيت هادف لا يتعداه حسم فوز الولاية الثانية لأوباما.

حتى جواب أوباما الصحافي في موضوع سوريا: وكيف أقيم عشرات الآلاف الذين قتلوا في سوريا مقابل عشرات الآلاف الذين يقتلون حاليا في الكونغو؟! لا يتعدى كونه جوابا دبلوماسيا مع المحافظة على حس المسؤولية الدولية، فلا في سوريا أو الكونغو رأينا أي تدخل أميركي، أو لعل تقييم الرئيس ما زال جاريا ولم ينته بعد! مع انعدام التهديد للأمن القومي الأميركي ومع اقتصاد ضعيف للغاية، واهم كل إنسان يعتقد أو يتخيل أن هذا الرئيس الفائز بجائزة نوبل للسلام عازم على خوض أي حرب عسكرية وخاصة ضد إيران أو في سوريا وحزب الله مع دخول حكومة المالكي أرض المعركة. ففي حساباته رقعة الخلافات وجبهات المعركة اتسعت بحيث إنه في ظل أي عمل عسكري غير مدروس ستكون عواقبه أقرب إلى حرب عالمية في المتوسط.