الكل يعرف مارغريت ثاتشر الآن.. ولكن من كان يعرفها عام 1976؟

يعقوب يوسف الإبراهيم

TT

في صيف لندني بمنتصف عقد السبعينات من القرن المنصرم، تلقيت اقتراحا من صديق قديم للأسرة، هو السياسي البريطاني المخضرم الراحل السير جون لانغفورد – هولت، بعد علم بما يربطني من علاقة بمجلة «أسرتي» الكويتية.

السير جون اقترح علي أن تكتب زميلته – يومذاك – المسز مارغريت ثاتشر، عضو مجلس العموم عن حزب المحافظين، «رسالة إلى القراء» بالنظر إلى أن المجلة متخصصة بشؤون الأسرة؛ بمناسبة السنة العالمية للمرأة، لنشرها. وعلى الفور وافقت على الاقتراح من دون تردد، وتبنيت الفكرة رغم يقيني بأن اسم كاتبتها قد لا يعني الشيء الكثير لقراء المجلة، سواء في الكويت أو منطقة الخليج.

وفي الحقيقة لم أكن أعي تماما سر ذلك الدافع الذي جعلني أتحمس لنشر الرسالة.

في أي حال، تلقيت رسالة المسز ثاتشر، وجرى نشرها في عدد الذكرى السنوية الثانية عشرة لصدور «أسرتي». غير أنني لم أسمع بعد ذلك صدى لها، أو ردة فعل عليها.. وكأن شيئا لم يكن. وبطبيعة الحال اعتبرت ما حصل تاريخا انطوى بلا أثر أو حادثة قضت نحبها.

ومرت الأيام تترى، وأخذ اسم مارغريت ثاتشر بالصعود غير المعهود، حتى غدت أول امرأة تتبوأ منصب رئيس وزراء بريطانيا، بل كتب لها أن تلعب دورا استثنائيا في تحويل مجرى سياستها.

مع ذلك، ربما كان ذلك الأمر قد ظل بالنسبة إلى الكويت وقرائها أمرا عاديا لا يستحق التوقف عنده. ولكن الأمور انقلبت في ذلك اليوم الأسود في تاريخ الكويت والعرب، بل والعالم، عندما ارتكب الرئيس العراقي السابق صدام حسين جريمة الغزو الغاشم.

بعد الغزو برزت أعمال السيدة التي كتبت تلك الرسالة لتبقى تركتها ماثلة كالوشم في أفئدة ومشاعر أهل الكويت، الذين لن ينسوا أبدا موقف ثاتشر الصارم وجهد تلك الإنسانة الرائعة وتصميمها وإصرارها على تجنيد العالم كله من أجل تحرير الكويت وطرد المعتدي.

أكتب هذه السطور وأردد ذلك البيت الشهير للبيد بن ربيعة:

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانع يعقوب يوسف الإبراهيم - لندن