على ماذا تعول واشنطن بعد أحمدي نجاد؟

عبد العظيم محمود حنفي

TT

«تحلوا بالصبر وأجلوا العقوبات الإضافية على إيران إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية». بهذه الكلمات ناشد جون كيري الكونغرس في لهجة أقرب إلى الرجاء. فعلى ماذا تعول الإدارة الأميركية فيما سوف تتمخض عنه الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 14 يونيو (حزيران) هذا العام؟ وهل كان وجود أحمدي نجاد هو العقبة الكأداء للحيولة دون التوصل إلى تسوية مع إيران حول برنامجها النووي؟

إن تركيز الإدارة الأميركية على شخصية الرئيس الإيراني تسترعي النظر، فهم يصفونه بأنه تعلم كثوري وتدرب كمقاتل، وأنه يهزأ منه خصومه باعتباره متزمِّتا.. وهو تشخيص لكل ما يخشاه المرء من إيران النووية. ويرون أن إيران أثارت في عهد نجاد قدرا من التوتر الإقليمي والدولي لم تثره منذ أن كان آية الله الخميني حيا في ثمانينات القرن الماضي.

الرجل فور انتخابه عام 2005 اتهموه بأنه كان أحد محتجِزي الرهائن الذين احتلوا السفارة الأميركية في طهران عام 1979، وظهر لاحقا أنها تهمة زائفة.

ثم اتهموه بأنه كان جزءا من فريق قتل اغتال زعيما إيرانيا كرديا في فيينا عام 1989، وظهر زيف تلك التهمة أيضا. ووصفوه بأنه يمزج بين الفخار الشرس، والتقوى المناضلة، والنظرة الموسعة لإيران، والنظرة الضيقة للعالم، وكلها منتجات للثورة الإسلامية. ونعلم أن الحملة على الرجل لم تكن لتصبح بهذه الحدة لولا إنكاره المحرقة النازية. وأيا يكن الأمر، فهل وجود نجاد على رأس السلطة التنفيذية، كان هو سبب تسريع الطموحات النووية الإيرانية؟

وفق الدستور الإيراني، لم يكن منصب الرئيس يتمتع بالقوة في إيران، فالمرشد الأعلى هو الذي يتخذ القرارات الكبرى، لا سيما تلك المتعلقة بالحرب والسلام. ولا يستطيع الرئيس أن يشرب كأسا من الماء في هذين المجالين دون إذن من الزعيم الأعلى، ومن ثم لا يستطيع أي رئيس وضع أصبعه على زناد السلاح النووي.

ثم إن البرنامج النووي الإيراني السري لم يبدأه نجاد؛ بل في عهد الرئيس «الإصلاحي» محمد خاتمي الذي حكم لفترتين ابتداء من عام 1997.

والأميركيون يعرفون أن الانتخابات الرئاسية لن تحدث فرقا جوهريا في المباحثات النووية ولن يستطيع أي رئيس أن يغير استراتيجيات إيران المتبعة في مقاربة ذلك الملف الحساس. وهم يعلمون علم اليقين أن هذه الانتخابات سيغيب عنها عنصر التشويق نسبيا.. سيقوم المرشد الأعلى علي خامنئي بقيادة مرشحه الخاص للفوز بكرسي الرئاسة بالكيفية نفسها التي أدار بها انتخابات «مجلس الشورى» لعام 2012، التي أسفرت عن النتائج التي كان يرغب خامنئي في تحقيقها من خلال تكتيكاته الإدارية والدعائية. ويبدو أن التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات التي هدفت إلى تقييد المجال أمام المرشحين المحتملين، إلى جانب الخطط الرامية لزيادة حضور الشرطة أثناء الانتخابات، ما كانت إلا لتناسب هذا «السيناريو».

ولكن إدارة باراك أوباما تريد مزيدا من الوقت لانغماسها في معالجة الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الأميركي. إنها لا تريد حربا، فالشعب الأميركي ليست لديه شهية الآن لخوض حروب، ونائب الرئيس جوزيف بايدن يعبر عن ذلك بصراحة، بينما تؤمن إدارة أوباما بالقيادة من الخلف وتريد عقد صفقة مع المرشد الأعلى علي خامنئي رغم إصرار الأخير على كيل الاتهامات ورمي واشنطن بأقذع الألفاظ وتهديده حليفتها إسرائيل بالدمار.

* أكاديمي وباحث مصري في العلوم السياسية