اتحادات من كل قطر.. ونحن نتفتت

عبد الرحمن الهداد الشمري

TT

هناك مراحل وأزمان للدول والأنظمة يجب أن تعبرها كي تبني هذه الدول لأنفسها أسسا مدنية متكاملة، توفر للشعوب حياة كريمة خالية من «المتاعب المستفعلة». وضع العالم العربي حديثا صعب جدا ووصفه أصعب، فما يذكرني إلا بأوراق الشجر التي كلما ضربتها بالإصبع انكمشت وصغر حجمها بشكل كبير مفاجئ حتى ترجع تتمدد لوضعها الطبيعي بعد فترة قصيرة. نحن في السابق نضرب بإصبع، ثم ننكمش، فعندما ننكمش نهشم بسهولة فنرجع مرة أخرى نتمدد فاقدين جزءا من ورقتنا. تكررت هذه العملية مرارا وتكرارا حتى وصلنا إلى الحاضر فتحولت العملية فأصبحنا الآن «نتفتت».

«بريكس» هي تكتل من الدول، من كل قطر أغنية، تضم 5 دول وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا. هي نظرية أنشأها الاقتصادي العالمي جيمس أو نيل، بريطاني الأصل، وتلك الدول هي الدول الأسرع نموا اقتصاديا في العالم. ومن المتوقع «اقتصاديا» أن تصبح هذه الدول الأقوى اقتصادا في العالم في حلول عام 2050. وهناك أطروحات على هامش هذه النظرية أن تتطور إلى اتحاد اقتصادي سياسي ليتسيد على القرار العالمي والدول العظمى. ففي السابق والحاضر، وخصوصا المستقبل، الأقوى عالميا هو الأقوى اقتصاديا. لاحظ أماكن هذه الدول على الخريطة كم هي متباعدة، وأن صاحب النظرية بريطاني الذي أسس قواعد صلبة نحو المستقبل.

الدول المتباعدة تتحد لأنها تتشابه باقتصادها، ونحن نتقارب جغرافيا ونتشابه في الثقافة، واللون، والعرق، واللغة، والاقتصاد تقريبا، والآيديولوجيا جزئيا، وكل شيء. ففي السابق كان العالم العربي يسعى جاهدا إلى الاتحاد «المجتزأ» والآن نحن فقط نسعى لإيقاف التفتت الذي يحدث ولا نرى أي تحركات من الأنظمة لإيقاف التمدد السرطاني الذي يحصل في الدول العربية. فالمراحل والأزمان التي ذكرتها في بداية هذه السطور ما زالت أمامنا، فنحن لم نتخط أي مرحلة من مراحل النظام المدني المتكامل. لأن النظام المدني المتكامل يبدأ بنسق مجتمعي ونحن مازلنا نتعارك مع أنفسنا. عدم مقدرتنا على وضع نسق مجتمعي بسبب أورام توجد في عقائدنا فعندما نتخطى هذه الأورام هنا نستطيع أن «نبدأ» لبناء اتحاد.

* كاتب كويتي