الإعلام الجديد.. والتعريف بالإسلام والحوار بين الأديان

صفات سلامة

TT

باتت تكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة، تشكل قوة جديدة لا يستهان بها، فقد أدت بالفعل لإحداث تحولات وتغيرات جذرية متسارعة في جميع مجالات الحياة، وأصبحت من أسهل وأسرع الوسائل وأقربها استجابة وارتباطا بحياة الأفراد، وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وأصبحت مصدرا لتلقي الأخبار والمعلومات، وأيضا نافذة لتسريب الإشاعات والأخبار غير المؤكدة، وبخاصة مع مساحة الحرية الإعلامية المتاحة في المجتمع، وما لم توضع ضوابط وتشريعات رادعة لاستخدام وسائل الإعلام الجديدة، فسوف تؤدي إلى إحداث فوضى وبلبلة لدى الرأي العام، وجلب ما لا يحمد عقباه في المجتمع، من نشر وبث للفرقة وتأجيج للصراعات والنزاعات بين الأفراد والمجتمعات.

لقد استطاعت تكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة، مثل الهواتف الجوالة والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وغيرها، أن تصبح منابر إعلامية جديدة، لإحداث تغييرات وتحولات جذرية كثيرة، وبخاصة في المجالات السياسية، في الكثير من المجتمعات والدول حول العالم، حيث تعد حاليا من أسرع وسائل الاتصال تطورا ونموا، لخلق وتشكيل تواصل فعال بين الكثير من الأفراد حول العالم، ويرجع ذلك للكثير من الخصائص والمميزات التي تتمتع بها هذه الوسائل الجديدة، وتكسبها دينامية حراك فريدة وجديدة.

ولكن السؤال المهم المطروح، هو: كيف يمكن أن نستفيد بفعالية من الآفاق الواعدة لتكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة في كل مجالات التنمية وجوانب الحياة، للنهوض بالأفراد والمجتمع؟ بمعنى آخر كيف يمكن الاستفادة من استخداماتها في المجالات السياسية، والانتقال بها لاستثمارها في جميع المجالات التنموية في المجتمع، من علمية ودينية وأخلاقية وتربوية واجتماعية وأمنية ومرورية واقتصادية، على سبيل المثال، استخدامها في تغيير اتجاهات ومفاهيم الأفراد الخاطئة نحو موضوع ما أو تجاه قضية ما، أو تشجيع وتعزيز قيم وأخلاقيات إيجابية مثل التسامح والتصالح والإيثار والحب والإخاء والنظام والنظافة والتعاون والعمل بروح الفريق وسلامة الصدر وطهارة القلب، وغيرها من قيم وأخلاقيات إنسانية واجتماعية نبيلة تسهم في مجموعها في تقدم ونهوض الأفراد والمجتمع. والسؤال الآخر الأكثر أهمية، هو: ما الضوابط والتشريعات والقوانين الضابطة، التي يمكن وضعها لوسائل الإعلام الجديدة وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، لتقنين المسؤوليات والحقوق وحماية مساحة الحرية الممنوحة لها، ولضمان الاستخدام الجيد لهذه الوسائل، وعدم انحرافها عن الطريق الصحيح؟

لو أخذنا على سبيل المثال، الدور المهم لتكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة في نشر الإسلام وتعزيز الحوار بين الأديان والحضارات، يمكن القول بأنه، يمكن لوزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية ومراكز البحوث الإسلامية والدعوة والإفتاء، الدخول إلى شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، وإعداد مواد بجميع اللغات لشرح تعاليم الإسلام ومبادئه السمحة، للوصول والتواصل الفعال مع أكبر عدد من المسلمين وغير المسلمين حول العالم، فيمكن مثلا، إعداد مواد دقيقة مقروءة ومسموعة ومرئية لنشر سماحة ووسطية الإسلام الخالي من العنف والإرهاب والتطرف، ومواد أخرى لتعزيز الحوار بين الأديان والحضارات والحوار مع المسلمين والأقليات المسلمة بالخارج للتعرف على التحديات والمشكلات والقضايا التي تواجههم وتتطلب من علماء الدين والمسؤولين سرعة الاستجابة والتدخل. وهذا يتطلب توفير واعتماد الموارد المالية والبشرية المؤهلة التي تضمن حضورا فعالا وقويا على المواقع الرسمية لوزارات والهيئات والمؤسسات الإسلامية حول العالم من خلال مواقعها وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر»، مع أهمية الإسراع في إعادة إعداد وتأهيل وتدريب جميع العاملين في مجال الدعوة وأئمة المساجد والخطباء والمشرفين والقائمين على المواقع الإلكترونية الدعوية وغيرها، وتطوير قدراتهم باستمرار لتجديد خطابهم الديني بما يتناسب مع التطورات والتغيرات المتسارعة في تكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة، من خلال المؤتمرات والندوات وورش العمل والدورات التدريبية، وحثهم على المشاركة الفعالة في وسائل الإعلام الجديدة واستثمار خدماته المتعددة، بما يتماشى مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والالتزام بآداب وأخلاقيات الحوار والدعوة وإبراز الوسطية وسماحة الإسلام.

وهناك أهمية للاطلاع على تجارب الدول المختلفة في الاستفادة من تكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة، وتأسيس أرضية مشتركة للتعاون والتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات الفعالة والمهمة بين الجهات العاملة في مجال التعريف بالإسلام والحوار بين الأديان والحضارات، لنشر الصورة الصحيحة عن الإسلام في المجتمعات الإسلامية وبين أتباع الديانات الأخرى، بالكثير من اللغات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال مواد وموضوعات دقيقة وأساليب مبتكرة تناسب كل فئات المجتمع، يعدها خبراء وفرق ومجموعات عمل متخصصة مؤهلة ومدربة.

ومن المهم أيضا، أن تقوم هيئات ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في العالم العربي والإسلامي بحجب المواقع الإلكترونية والروابط التي تسيء إلى نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم، ولديننا الحنيف وللمسلمين، وأهمية حث المواطنين باستمرار على الإبلاغ عن أي مواقع وروابط إلكترونية مسيئة ومخالفة.

لقد أصبح هناك ضرورة عاجلة للإسراع في إعداد مبادرات جديدة وفعالة، للاستفادة من الآفاق الواعدة لتكنولوجيا الاتصالات ووسائل الإعلام الجديدة، في جميع مجالات التنمية والحياة بالمجتمع، للوصول والتواصل والحوار السريع والفعال مع جميع أفراد المجتمع، مع ضرورة وأهمية وضع الضوابط والتشريعات اللازمة، لضمان حسن استثمار واستغلال هذه الوسائل، بما يعود بالنفع والفائدة على الأفراد والمجتمعات.