افتراضات ليست في محلها!

دولت نوروزي

TT

نشرت جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 5 يونيو (حزيران) 2013 الجزء الثاني للمقابلة التي أجريت مع السيد أبو الحسن بني صدر. ومع الأسف يحمل هذا الجزء ادعاءات ضد المقاومة الإيرانية وقيادتها يعود مصدرها إلى إيران وعملائها منذ أكثر من عقدين، للتشويه والتشهير بالمقاومة التحررية للشعب الإيراني. إنه من الطبيعي أن الخطاب السياسي والمواقف التي اتخذها بني صدر، بات أمرا مكشوفا لأبناء الشعب الإيراني في جهده الدؤوب من أجل استمالة النظام الحاكم في إيران طيلة السنوات الماضية.

إن ما تطرق إليه السيد أبو الحسن بني صدر في الجزء الثاني من المقابلة بشأن مجاهدين خلق والمقاومة الإيرانية غير دقيق، وهو مجرد ادعاء بحق مقاومة الشعب الإيراني ومنظمة مجاهدين خلق باعتبارها القوة المحورية للتحالف السياسي المتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

إن النظام الحاكم في إيران لم تستطع أن تقضي على منظمة مجاهدين خلق الإيرانية طيلة أكثر من ثلاثة عقود للقمع الشديد ضد الحريات رغم حملات الاعتقالات الاعتباطية الواسعة، والتعذيب والإعدام لأكثر من 120 ألفا من أعضاء ومؤيدي مجاهدين خلق، ومنها مجزرة عامة لثلاثين ألف سجين سياسي عام 1988، فكيف تقال عنها أمور غير دقيقة إطلاقا، من أجل اتباع سياسة تشويه سمعة المقاومة ومصداقيتها؟

لقد ذهب النظام الإيراني بعيدا بحيث استغل علاقاته الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية مع الدول الغربية لإدراج منظمة مجاهدين خلق الإيرانية ضمن قوائم الإرهاب في بريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

إن النظام الإيراني ومعه الحكومات المؤتمرة بأمره في العراق، بل حتى دول غربية، كانت تعتمد هذه التسمية الجائرة في تنفيذ الإعدامات وحملات التصفية الدموية والتنكيل بحق مجاهدين خلق العزَّل. ونحن نعلم أن مجاهدين خلق والمقاومة الإيرانية هما الضحية الرئيسة لسياسة المسايرة والمهادنة التي اتبعها الغرب حيال النظام الإيراني.

إن المقاومة الإيرانية من خلال الحملات السياسية الاجتماعية القضائية التي تبنتها طيلة 15 عاما ومرورا بـ17 قرارا للمحاكم القضائية في بريطانيا وأوروبا وأميركا، خرجت نهائيا من القوائم السوداء لبريطانيا عام 2008، والاتحاد الأوروبي في يناير (كانون الثاني) 2009 وللخارجية الأميركية في سبتمبر (أيلول) 2012.

مجاهدين خلق، حركة تحررية شعبية تقدمية مستقلة وقوة محورية للتحالف السياسي المتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، استمر نضالها أكثر من ثلاثة عقود، من أجل التحرر من ديكتاتورية النظام، وهي حركة تؤمن بصورة عميقة بإجراء انتخابات حرة منصفة بصورة كاملة من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية تعددية على أساس فصل الدين عن الدولة والمساواة بين المرأة والرجل. إن تجمع أكثر من مائة ألف في يونيو 2012 بباريس لدعم ميثاق الحريات لعشر مواد، والخيار الثالث المقترح من قبل السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يدعو إلى إسقاط النظام الإيراني بيد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة، كل ذلك يشكل أكبر دليل على مصداقية المعتقدات والعمل والقاعدة الاجتماعية الواسعة لهذه المقاومة داخل إيران وخارجها.

إن ما قيل من أن «مؤيدي السيد مسعود رجوي وجماعته يعتمدون على دول غربية.. وهم مرتبطون بأطراف أجنبية» ليس سوى ادعاء.

يعرف الجميع، وخاصة إخواننا العرب، أن مجاهدين خلق ومنذ أن أعلن العراق عام 1982 أنه انسحب إلى الحدود الدولية ويطالب بوقف إطلاق النار، ومن تلك اللحظة بات استمرار الحرب العراقية الإيرانية أمرا غير شرعي ولا وطني، وأن خميني وحده كان يصر على استمرارية الحرب لثماني سنوات من خلال رفضه جميع المبادرات والمقترحات للسلام ووقف إطلاق النار. وأما مجاهدين خلق فإنهم أطلقوا منذ ذلك الوقت حملة داخلية ودولية واسعة النطاق للمضي قدما من أجل تحقيق شعار السلام وإنهاء حالة الحرب، إلى أن صدر قرار 598 لمجلس الأمن الدولي.

ليس من المعلوم من هو المخاطب الذي يبحث عنه السيد بني صدر ليكون مستعدا أن يقبل بهذه الافتراضات بأن المقاومة الإيرانية كانت تعتمد على الحكومة العراقية السابقة؟ فكيف تكون هناك مجموعة اسمها في قائمة الإرهاب الأميركية من جهة، وأن تصف بأنها «تلعب دور اللوبي في واشنطن؟»! إن الشرف والاعتزاز لأي جماعة أو تيار، يتحصلان فقط من خلال المثابرة والإصرار على قضية الحرية للشعب والثمن الذي يدفع من أجله.

* ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في لندن