جبهة الجولان

سامر خليوي

TT

أعلن بشار الأسد عن فتح جبهة الجولان أمام المقاومة والتحرير، وقبل الخوض في تلك الدعوة الكاذبة والمضللة سأستعرض كيف جرى إسقاط الجولان من قبل حافظ الأسد الذي كان وزيرا للدفاع آنذاك وقيل إنه باع الجولان مع أخيه رفعت الأسد الذي كان برتبة نقيب وحدد الثمن 300 مليون دولار.

هناك العديد من الشواهد والحقائق التي تدعم ذلك، وسأبدأ من إعلان سقوط الجولان الذي صادف يوم السبت العاشر من يونيو (حزيران) 1967 في الساعة 9:30 عندما أعلن وزير الدفاع حافظ الأسد البلاغ العسكري رقم 66 أن القوات الإسرائيلية استولت على القنيطرة وفي اليوم نفسه الساعة 12:05 أعلن الأسد أن قتالا عنيفا لا يزال يدور هناك.

ولفضح ما جرى سوف أستشهد بما قاله أركان النظام في تلك الفترة عن سقوط الجولان، حيث عبر الدكتور إبراهيم ماخوس وزير الخارجية عن موقف حزب البعث بقوله «ليس مهما أن تُحتل حلب أو دمشق.. المهم ألا يسقط حزب البعث أمل الأمة». كما تحدث الدكتور سامي الجندي وزير الإعلام وعضو قيادة قطرية للحزب في كتابه «كسرة خبز» صفحة 17 عن «سقوط القنيطرة قبل أن يحصل».

أما الدكتور عبد الرحمن الاكتع وزير الصحة السوري آنذاك فقد قال: «كنت في جولة تفقدية في الجبهة ومدينة القنيطرة بالذات عند إذاعة بيان سقوط القنيطرة وظننت أن خطأ قد حصل فاتصلت بحافظ الأسد وقلت له أنا في القنيطرة ولا وجود لأي جندي من العدو، فقام بشتمي وتهديدي وحذرني من تدخلي في ما لا يعنيني، فاعتذرت منه وعلمت أنها مؤامرة وعدت إلى دمشق في اليوم التالي وقدمت استقالتي. أيضا اللواء أحمد سويداني قائد الجيش قال عن بيان سقوط القنيطرة إنه سمع به من الإذاعة ولم يُستشر في شيء.

لا مجال الآن لذكر المزيد من الأدلة والحقائق التي تدين وتعري الدور المشبوه الذي قام به حافظ الأسد فيما يخص الجولان خاصة وسوريا عامة.

أعود الآن إلى دعوة بشار الأسد بفتح جبهة الجولان وتلك الكذبة الجديدة التي تناقض تماما ما قاله في حوار مع الإعلامي حمدي قنديل على فضائية «دبي» صيف عام 2006 في أعقاب العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقد طرح قنديل السؤال التالي حرفيا: «أليس في سوريا غيرة أن حزب الله حقق ما حققه وأن كل السوريين يجب أن تكون لديهم الغيرة من أننا لم نستطع أن نحرر الجولان حتى تاريخه بأي وسيلة سواء كانت بالجيش أم المقاومة؟»، فكان رد الأسد بعد أن تفلسف كعادته بما يلي: «إن موضوع المقاومة هو قرار شعبي لا تستطيع أن تقول دولة ما نعم سنذهب باتجاه المقاومة.. هذا الكلام غير منطقي، الشعب يتحرك للمقاومة بمعزل عن دولته عندما يقرر هذا الشيء».

من هنا يتضح أن بشار الأسد ألقى باللوم على الشعب السوري الذي لم يرغب في المقاومة وتحرير الجولان والكل يعلم أن جبهة الجولان هي أكثر الأماكن أمنا داخل إسرائيل ويمنع أي شخص من الذهاب إلى هناك سواء كان سورياً أو غير سوري، وقد اتضح كم هي هشة تلك الجبهة عندما أحرج بشار الأسد في بداية الثورة السورية إسرائيل عندما سمح لبعض الفلسطينيين بالعبور إلى الجولان المحتلة بمناسبة يوم الأرض والوصول إليها بسهولة ولم يكن هناك أي قوة عسكرية حقيقية نظرا للأمان الذي وفره نظام الأسد للجولان خاصة ولإسرائيل بشكل عام، وهذا ما يفسر عدم رغبة إسرائيل في إسقاط نظام الأسد، كما تحدث العديد من قادة إسرائيل ومنهم رئيس الموساد الإسرائيلي السابق افرايم هاليفي الذي قال في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية إن بشار الأسد هو رجل تل أبيب في دمشق.

نظام الأسد استعبد الشعب السوري وأذاقه الذل والهوان ولأجل هذا انتفض الشعب ليستعيد كرامته وحريته ولينتقل بسوريا من النظام الديكتاتوري القمعي الشمولي إلى نظام سياسي ديمقراطي يؤسس لدولة مدنية تقوم على العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، وسوف يحرر الشعب السوري الأراضي المحتلة بالأفعال وليس بالأقوال.

* كاتب وإعلامي سوري