المشهد السياسي السوري و«جنيف 2»

جوان يوسف

TT

المشهد السياسي بات يأخذ منحى جديدا بعد عودة الهيئة الكردية العليا من موسكو، وعدم حصولها على ما كانت تتوخاه على الرغم من الارتياح الشكلي الذي أبداه وفد الهيئة، فالثابت أنهم استقبلوا من قبل نائب وزير الخارجية الروسي، وعادوا بتطمينات دبلوماسية، بل إن الروس وعلى لسان سعود الملا عضو الوفد الكردي أحالوا قضيتهم إلى الشعب السوري فيما يتعلق بالمطالب الكردية.

اعتقدت الهيئة الكردية أن من مصلحة الروس أن تذهب المعارضة إلى «جنيف 2» بأكثر من وفد، لهذا وجدوا أنفسهم أولى من غيرهم بذلك.

فيما تشير كل المؤشرات إلى أن «جنيف 2» لن ينجح بوجود وفود متعددة للمعارضة وهذا ما تعمل عليه الجامعة العربية في محاولة لتقريب وجهات النظر بين أقطاب المعارضة السورية، وهذا ليس طلبا عربيا فقط بل أميركيا وروسيا أيضا.

تغييرات المشهد الكردي ظهرت في أربيل عاصمة إقليم كردستان، فقد تداعى ما تبقى من الكتلة الكردية داخل المجلس الوطني السوري إلى اجتماع منظم ومهيأ له إعلاميا، وتم ترميم الأعضاء وانتخاب سيدا رئيسا للكتلة وانتخب ناطق إعلامي وأمين سر لها كما لو أنها حركة سياسية أو حزب سياسي داخل المجلس الوطني السوري وهذا ما لم نشهده في أي كتلة أخرى داخل المجلس.

المشهد المرافق له انعقاد ملتقى المثقفين والمفكرين الداعمين للثورة وطبعا الملتقى استكمالا لما بدأها سيدا في اجتماع الكتلة وتتويجا لها، وإذا كان اجتماع الكتلة تقدمها علم الثورة مزينا باللغة التركية كلمة الحرية، فإن الملتقى أتى من لون واحد وهاجس سياسي واحد هم من الداعمين للمجلس الوطني السوري، حتى لا أقول من المناهضين لحزب الاتحاد الديمقراطي.

يبقى السؤال الذي يحتاج إلى تفسير، لماذا هذا الزخم ولماذا هذا الإحياء للكتلة الكردية التي استقال أغلب أعضائها المؤسسين، والتي لم يكن لها فاعلية تذكر اعتبارا من أبريل (نيسان) 2012 بعد مؤتمر المعارضة في إسطنبول والاستقالة الجماعية لأعضاء الكتلة الكردية باستثناء عبد الباسط سيدا.

وبقدرة قادر تم ترميمها بأعضاء جدد وتمثيلها بالأمانة العامة بعدد أعضاء يفوق الحصة المقررة فيما كانت إحدى أهم الإشكاليات التي عانت منها الكتلة الإهمال المتقصد لها وعدم إملاء مقاعدها في الأمانة العامة حتى مقعد الشهيد مشعل التمو لم يشغل إلا بعد الانسحاب الجماعي وعودة البعض الترغيبية.

استحقاقات «جنيف2» هي التي تفرض هذه الحالة، فقد أخفقت الهيئة الكردية في أن تكون تعبيرا عن الحالة الكردية، وفشل المجلس الوطني السوري والائتلاف ليس في إقناعهم بالانضمام إليه وحسب، بل خسر معظم داعميه من القوى الشبابية والتنسيقيات الكردية نتيجة لما ارتكبته من أخطاء واستهتار بالشارع الكردي، بحيث بات من الصعب والصعب جدا انضمام الهيئة الكردية إلى المجلس أو الائتلاف في الوقت الحاضر.

المسألة الأخرى إعلان الهيئة قبولها الحضور إلى جنيف بوفد مستقل، وهذا ما يعني مخالفة صريحة لأجندة الائتلاف وعبئا إضافيا عليها لما تعانيه من إشكاليات مع هيئة التنسيق وبعض القوى الأخرى.

كل هذه العوامل مجتمعة أسهمت في البحث عن بدائل لإعطاء مجموعة الكرد في المجلس الوطني السوري شرعية تمثيل الكرد، وقطع الطريق على الهيئة الكردية أو المجلس الوطني الكردي، أو في أسوأ الأحول الضغط على الهيئة العليا للقبول بالتمثيل داخل وفد المعارضة وبشروط الائتلاف.

* كاتب وإعلامي سوري