حقيقة مذكرات عنان

سوسن أبو حسين

TT

لا توجد مذكرات للفريق سامي عنان.. هذه هي الحقيقة المؤكدة. الرجل حتى اليوم لم يكتب مذكراته لأن المذكرات كما نعرف إما مكتوبة بين دفتي كتاب وإما حتى مسودة مسجلة بصوته على شريط تسجيل. ما حدث كان وهما أو خيالا وانقلبت الدنيا ضجيجا مكروها سواء على صفحات بعض الصحف أو على شاشات الفضائيات في حملة شديدة القسوة على الرجل وأسرته بسبب مذكرات لم تكتب بعد، بل إن ما حدث سيجعل الكثير من شهود العيان على هذه الأحداث يحجمون عن كتابة مذكراتهم أو تسجيل شهاداتهم حتى لا يتعرضوا لما تعرض له الفريق عنان وأسرته، وسيحرم أبناء هذا الوطن من معرفة ما كان يحدث منذ فترة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 وحتى 11 أغسطس (آب) 2012. وهذه فترة عصيبة في تاريخ مصر تخللتها الكثير من الضبابية. والحقيقة أنه بعد أن طالعتنا أخبار ما نشر عما يسمى بهذه المذكرات وصلت معلومات موثقة من مصادر شديدة القرب من الفريق سامي عنان أكدوا أن الرجل لم يفكر حتى الآن في كتابة مذكراته وإنما يعقد لقاءات ومقابلات مع أصدقاء وزملاء وشباب والكثيرين من المهتمين بالشأن السياسي والمهمومين بمصر ويسعون جادين مخلصين للعبور بها من عنق الزجاجة والوصول بها إلى بر الأمان، وهم في ذلك شأنهم شأن المصريين جميعا يناقشون ما يحدث وما قد حدث وليس أكثر من مستشرفين الدروس كي يعلو شأن البلاد في المرحلة المقبلة.

وللحقيقة، الفريق سامي عنان ملتزم تماما بالتقاليد العسكرية وأصولها وحفظ أسرارها وهو لا يتطرق إلى ما يسمى بأمن وسلامة القوات المسلحة والأمن القومي المصري، فهو في أحاديثه مع كل من يشاركه الحديث يؤكد أن مصر أولا وقبل كل شيء وأنه وزملاءه بذلوا الغالي والنفيس في سبيل هذا الوطن العظيم وشعبه الكريم، هذا من ناحية، أما الناحية الأخرى فإنني كغيري من المواطنين المهتمين بشأن وطنهم فإننا كثيرا كنا نوجه الكثير من الانتقادات للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في فترة إدارته للبلاد، رغم إيماننا الشديد جميعا بوطنيتهم وعشقهم لتراب هذا الوطن وأبنائه، بل ألقينا عليهم تهما من دون دليل مندفعين بما غرسه الإخوان - الجماعة - ولن أصفهم بالمسلمين – في عقول شبابنا ومواطنينا زورا وبهتانا بأنهم قاموا بتسليم البلاد إلى الإخوان وأخطأوا في حق هذا الوطن، وطالبنا بشدة من أعضاء المجلس الأعلى وركزنا في طلبنا على الفريق عنان أن يخرجوا إلينا بشهاداتهم للتاريخ حتى يعرف الشعب المصري حقيقة ما حدث وإزالة كل الضباب حول هذه الفترة لأنها ملك لكل المصريين.

لقد كشف ذلك أن هناك تيارات أو جهات أخرى ترى أن ظهور هذه المعلومات ليس في صالحها، ولذلك قاموا بهذه الهجمة الشرسة في محاولة لإزاحته من الساحة قبل أن يعلن علينا جميعا حقائق المرحلة الانتقالية التي هي حق للشعب المصري. ألم نخرج يا سادة على صفحات الجرائد وفي الأعمدة اليومية والأسبوعية أو من خلال برامج متلفزة نطلب من الفريق عنان تحديدا أن يقول ما لديه، وأن هذا حق أصيل للشعب، فلماذا الهجوم رغم مطالبات سابقة بأن يقول ما لديه؟! فهل العيش في ضبابية ووهم هو الأسلم؟! لقد نعتوا الرجل، أي الفريق عنان، ووصفوه، بأنه يقوم بتلميع نفسه كمقدمة للانتخابات الرئاسية وبدأت حملة التقطيع والتشهير والتجريح كي يجعلوا من عنان رأس الذئب الطائر، وأن مصير من يفكر في الترشح سوف يكون مثل عنان. وأخيرا طالعنا الإعلام الإلكتروني بأن عنان تحت المراقبة ونشروا صورا متعددة له وهو يدخل إلى أحد الفنادق للقاء أصدقاء له، ولكن هذا لن يكون أبدا من فعل مؤسسة أمنية أو رقابية في مصر، فالمؤسسة العسكرية على قلب رجل واحد. هذا الأسلوب الرخيص لا يخرج عن أساليب الإخوان في تعاملهم مع الوطنيين والشرفاء الذين بذلوا كل غال ونفيس في سبيل هذا الوطن.

* صحافية مصرية