شاب سوري يعتمد «الغرافيتي» للرسم على المباني المدمرة في حلب

محاولا بعث رسائل أمل في نفوس أصحاب المنازل التي تعرضت للتدمير

خليفة أثناء رسمه على أطلال بنايات (صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط»)
TT

يبعث خليفة برسالة إلى أهالي مدينة حلب المدمرة «بكرة أحلى»، ويقول: «خطرت تلك الفكرة ببالي ذات يوم وأنا أتأمل في المباني المدمرة، وسمعت أن جنود النظام كانوا يكتبون على جدران منازل الأهالي (الأسد، أو نحرق البلد)، لذا قررت أن أبدأ الرسم على المباني التي دمروها في حلب، لأؤكد لهم أنهم لم ينتصروا».

التقيت خليفة، البالغ من العمر تسعة عشر عاما في حي الباب رود، في شارع سويت مبانيه بالأرض بصاروخ سكود قبل أربعة أيام، يكتب رسالته وإلى جانبها رسم وجها باسما كبيرا على حائط لا يزال قائما بعض الشيء في بناية ضخمة هدمت بالكامل. تجمع حشد بسيط من الناس خلفه وفي الأعلى وقف رجلان يحاولان إزالة الأنقاض لما تبقى من منزلهما، أملا في العثور على بعض المقتنيات البسيطة، وقد أخذا قسطا من الراحة لمشاهدته وهو يعمل. يعد القاسم الأكبر من هذه المدينة شاهدا على حال المنازل التي دمرها القصف ولا تزال قائمة وصالحة للسكنى، حيث يفتح أصحاب المتاجر محلاتهم في الطوابق الأرضية رغم الدمار الذي لحق بالطوابق الثلاثة العليا. لكن صواريخ سكود تؤدي مهمتها دفعة واحدة، فعندما يسقط صاروخ تسوى عشرات المنازل بالأرض تماما.

يقول خليفة: «هذا الدمار يشعر الناس بالحزن، إنه يحول هذه المدينة التي كانت حاضرة العمارة إلى مكان قبيح، لذا آمل أن تبعث هذه الرسالة في نفوس أصحاب المنازل التي تعرضت للتدمير مزيدا من التفاؤل».

كان خليفة فنانا قبل الحرب، لكن لوحات رسمه كانت الورق آنذاك. ويقول عن ذلك: «كل عائلتي فنانون، وأقمنا معرضا في حلب، وعندما بدأ القتال هنا انتقلنا إلى الرقة، لكني عندما شاهدت ما يحدث على التلفزيون شعرت بضرورة العودة، وعندما عدت راودتني الفكرة».

الرسم بالرش في حلب مكلف (نحو 100 ليرة لكل عبوة)، وهناك صعوبة في الحصول عليها. ويعمل خليفة في مصنع للحياكة ليتمكن من الحصول على المال الكافي لشراء مواد الرسم، ويقول: «إنه مكلف للغاية بالنسبة لي ومن الصعب العثور عليها في المتاجر». يستخدم فنانو الشوارع في نيويورك وبرلين ألوان قوس قزح في أعمالهم النابضة بالحياة، لكن خليفة لا يملك سوى ثلاثة ألوان: بني وأحمر وأزرق. لكن تناثرها بعض الشيء ممتزجة بسياقها تجعل عمله أكثر قوة. ويقول: «أنا لا أكترث إذا ما كان رسمي جميلا أم لا، لأن الرسالة هي الأهم». وبينما ينتهي من رسمه في الباب رود بدأ بعض ممن يشاهدونه في التعبير عن غضبهم، فالغرافيتي ليست بشكل الفن الشائع هنا في حلب، كما هو الحال في مدن أخرى، ويشير خليفة إلى أن الكثير من الأفراد يعتقدون أن ما يقوم به نوع من التخريب. ويقول: «السوريون لا يكترثون كثيرا لهذا الفن. إنهم يهتمون فقط بالعمل، لكن رغم عدم تقديرهم لها الآن، قد يرون جماله فيما بعد. أنا أعلم أن الأطفال يحبونه. الأطفال يتجمعون حولي طوال الوقت، ويخبرونني أنه جميل، وهذا يكفيني».