يقول أحمد القناطري قائد لواء عمر المختار، الذي تنم عيناه الرماديتان الشاحبتان عن مزيج من روح الدعابة واليقين المتقد: «سجل ما أقوله وانشره، نحن بحاجة إلى أسلحة وذخيرة، وليس سترات واقية. أستطيع أن أعطيك السترات الواقية من الرصاص لتعود بها إلى بريطانيا».
جلبت كلمات وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الأخيرة في منطقة تلال بمحافظة إدلب السورية شيئا من السرور؛ فقد تعهد بتزويد الثوار بعربات مصفحة وسترات واقية من الرصاص، ولكن القناطري، أحد الشخصيات الرئيسية في المعارضة المسلحة السورية في ريف إدلب، يقول إن هيغ قد أساء تقدير واقع الحرب الدائرة على الأرض. يقول: «منذ اليوم الأول للنضال، لم نرتد السترات الواقية، إنها ثقيلة وتبطئ من تحركاتنا باستمرار، فالدروع الواقية لن تساعدنا في الانتصار في المعركة الراهنة».
كان القناطري أحد أول أعضاء الجيش السوري الذي ينشق لينضم إلى المعارضة؛ حيث فر إلى تلال منطقة جبل الزاوية منذ تسعة عشر شهرا ومعه حفنة من البنادق والرصاص، وهنا يقول: «عندما التحقت بالجيش، أقسمت على حماية تلك البلاد وشعبها، ولذلك فإنني على دراية منذ البداية بأنه ينبغي علي الدفاع عن ضحايا النظام».
ومع توسيع جيش الأسد لنطاق هجماته على المدنيين وانضمام تيار من المنشقين الآخرين إلى القناطري، زادت كمية الأسلحة. كان موقفهم خلال الأشهر الأولى غير مستقر؛ حيث يقول: «لم يكن جيش النظام يبعد عنا سوى كيلومتر واحد، ووجدنا من الصعوبة النوم لأننا كنا نفكر دائما في احتمال أن يتمكنوا من شن هجوم علينا في أي وقت».
ولكن في العام الماضي، قويت شوكة المعارضة السورية؛ حيث استولى القناطري ورجاله على مناطق كانت في حوزة النظام، مثل ريف إدلب. يسيطر الجيش السوري الحر وحلفاؤه حاليا على جميع أجزاء المحافظة تقريبا، فيما عدا مدينة إدلب نفسها، ويقول القناطري متهكما: «دعوا بشار يأتي إلى ريف إدلب ويسير في شوارعه، لا شك أنه سيقضي وقتا ممتعا».
وفي مناطق أخرى أيضا، يواصل الثوار تقدمهم. دخل الجيش السوري الحر قبل أربعة أيام مدينة الرقة السورية، مدينة رئيسية تقع على بعد مائتي كيلومتر إلى الغرب من حلب، وذلك بعد أن فر من القتال الذي اجتاح أجزاء أخرى من شمال سوريا.
يتفق القناطري على أن هذا يعد انتصارا مهما، لكنه مع هذا يرى أن المعركة الحاسمة ستكون في دمشق؛ حيث يشير إلى أنه «حينما تندلع هذه المعركة، فإن وتيرتها ستكون سريعة، لأن النظام سيكون وقتها قد فقد كل قوته تقريبا. إنهم يخسرون أسلحة وقوات، فضلا عن فقدانهم التواصل مع الشعب السوري».
ولكن لا يزال جيش النظام لديه ميزة استخدام الطائرات المقاتلة والدبابات والمدفعية، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهه المقاتلون الثوار.
يسرد القناطري قائمة بالإمدادات التي تحتاجها المعارضة حقا للتغلب على النظام ووضع نهاية للحرب: «الذخائر والألغام المضادة للدبابات والمدافع المضادة للطائرات». ويقول إنه بمجرد حصولنا على هذه الأسلحة، يمكن للثوار الإطاحة بقوات بشار الأسد في غضون أيام فقط، ولكن الإمدادات الإنسانية التي يعد بها ويليام هيغ من غير المرجح أن تغير شيئا.
هناك حربان دائرتان في سوريا؛ إحداهما على الأرض داخل البلاد، والأخرى في حلقات النقاش الخارجية. ليس هناك ارتباط بين الاثنتين؛ حيث يقول القناطري إنه على اتصال مستمر مع قادة الكتائب في حمص ودمشق، ولكنه ليس على اتصال البتة بأعضاء المجلس الوطني السوري. إن اتفاقاتهم المبرمة مع هيغ، أو اقتراحاتهم بإجراء مفاوضات مع النظام، لا تعني شيئا لمقاتلين يحاربون في خط المواجهة أو لشعب يتحمل صراعا وحشيا على وشك أن يدخل عامه الثالث.
وفي النهاية يسأل القناطري: «إذا وافقنا على إجراء مفاوضات مع بشار الأسد بعد كل هذه المجازر، فهل ستقبل بذلك أسر الشهداء؟ إن أي نوع من الوساطة الآن سيكون بمثابة خيانة للشعب السوري».