أول مسيحية ترأس حزبا مصريا: ضم مسيحيين لحزب الإخوان وسلفيين من باب التسويق السياسي

مريم رزق لـ «الشرق الأوسط»: شعارنا «لا للتهميش».. واستقلت من «المنحل» بعد خداعي

مريم رزق («الشرق الأوسط»)
TT

بجرأة شديدة وفي سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ مصر السياسي، أعلنت الدكتورة مريم ميلاد رزق عن تأسيس حزب سياسي، ليكون أول حزب سياسي في مصر ترأسه امرأة مسيحية شابة. ولم تتوقف جرأة الدكتورة مريم عند رئاسة الحزب بل أعلنت اعتزامها خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة في القاهرة لتصبح أول امرأة مسيحية تعلن ترشحها مستقلة على مستوى دوائر محافظات مصر.

واتخذت مريم رزق، شعارا لحزبها الجديد الذي حمل اسم «الحق» وما زال تحت التأسيس، هو «لا للتهميش»، من أجل الدفاع عن كل المهمشين في مصر مسيحيين ومسلمين ومعاقين وخاصة الأقزام، وغيرهم.

ورغم أن الدكتورة مريم الناشطة الحقوقية كانت عضوا في الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) الذي كان يرأسه الرئيس السابق حسني مبارك، لكنها تقول إنها استقالت من الحزب بعد خداعها في انتخابات مجلس الشعب الماضية، بسبب استبعادها من الترشح على قوائمه، وذلك قبل قيام ثورة «25 يناير» التي أسقطت نظام مبارك، موضحة أن حزبها الجديد ليس تابعا للحزب «المنحل»، وإنما ينتمي إلى التيار الوسطي وهدفه ليس دينيا أو طائفيا، ونسبة المسيحيين فيه لا تتجاوز 50 في المائة، وباقي الأعضاء من المسلمين، بعضهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي، وبررت ذلك بقولها إن «حزبها يهتم بالإنسان فقط، بغض النظر عن ديانته وتوجهاته».

وتقول مريم لـ«الشرق الأوسط» مبررة استقالتها من المنحل، بأنه كان يحاول استقطاب كل من كان له شعبية في الشارع للانضمام إليه؛ لكنها عادت وقالت إن «المنحل» وجد وقتها من هو أفضل مني للترشح على مقعده، لأن قياداته كانت تسعى إلى مقاعد البرلمان فقط وليس الأشخاص.

وتابعت مريم قائلة: «إن الحزب الوطني المنحل لم يكن وحده سببا في الفساد، بل إن أحزاب المعارضة في عهد مبارك شاركت في هذا الفساد، وكان بعضها يجري صفقات مع النظام السابق من أجل الحصول على بعض المقاعد في البرلمان؛ لكن هذه الاتفاقات لم تكن معلنة لكنها كانت موجودة في مبنى الأمانة العامة للحزب (الذي تم حرقه خلال الثورة المصرية)، وحتى جماعة الإخوان أجرت اتفاقات في الخفاء مع المنحل».

وأبدت مريم اعتراضها على إقصاء جميع أعضاء الحزب «المنحل» من العمل السياسي، وقالت «فيهم شرفاء»، كاشفة عن أن جميع الأحزاب التي خرجت من رحم الوطني «المنحل» وحتى الأحزاب الجديدة، لن تصمد في الانتخابات.

وتضيف أن أساسيات حزبها هي الاهتمام بحقوق الإنسان، وأن الجديد الذي يقدمه حزب الحق هو: «تمكين المواطن البسيط من محاسبة قياداته»، مؤكدة أن الحزب بدأ نشاطه الفعلي بعد الثورة المصرية؛ لكن قياداته فضلت تأجيل التقدم بأوراقه للجنة الأحزاب لما بعد الانتخابات البرلمانية، وهو ما تفسره مريم بقولها: «فضلنا عدم الدخول في صراعات الأحزاب الجديدة التي خرجت من رحم الثورة»، لأن الانتخابات البرلمانية المقبلة، انتخابات أشخاص وليست انتخابات أحزاب، وهذا دفعنا بأن لا نجازف بحزبنا في خوض انتخابات مجهولة النتائج.

وأكدت أن الناخبين سيذهبون إلى الأشخاص وليس إلى الأحزاب، لأن الأحزاب السياسية الجديدة ما زالت صغيرة، وأن الذين يجازفون بالقوائم داخلها ينظرون إلى شخص مشهور فقط داخل القائمة. وتابعت: أن مرشحي حزب الحق في الانتخابات المقبلة، «ترشحوا مستقلين بعيدا عن الحزب، ليس لعدم إشهاره؛ لكن لعدم الدخول في مهاترات الأحزاب الموجودة في الانتخابات».

وأكدت مريم أنها كمسيحية لا تجد معوقات في التعامل مع قيادات وأعضاء الحزب، لأن الجميع يتعامل معها ليس كونها امرأة، لكن لأن لديها خبرات سابقة في العمل السياسي والاجتماعي.

وتنتمي مريم إلى طائفة المسيحيين الأرثوذكس، وهي الطائفة المسيحية الرئيسية في مصر، وتنفي قيامها بمخاطبة الكنيسة الأرثوذكسية قبل تأسيس حزبها الجديد؛ لكنها تراهن على أن كونها على رئاسة حزب الحق، سيشجع المسيحيين على المشاركة في الحياة السياسة، مشيرة إلى أنها تنظم ندوات توعية سياسية في الكنائس وتدعو المسيحيين للمشاركة.

وحول قضايا المسيحيين، أوضحت مريم أنها حزينة لما وصل إليه المسيحيون من سلبية رغم قوتهم وقدرتهم على إحداث تغيير حقيقي في مصر حال مشاركتهم بفاعلية في الحياة السياسية، مطالبةً المسيحيين بضرورة عدم الخلط بين الحياة الروحية والحياة السياسية التي تمثل اعترافًا بالوجود داخل المجتمع نفسه.

وكشفت رئيسة حزب الحق، عن أن قانون بناء دور العبادة الموحد واجتماعات الأزهر الشريف والكنيسة المصرية لن تحل مشكلة الطائفية، وكلها مسكنات لا فائدة لها دون دستور جديد، وحول بقاء المادة الثانية بالدستور المصري، رأت مريم أنه لا مساس بالمادة الثانية (التي تعتبر الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)؛ لكنها تطالب بوضع مادة ثالثة تضمن تحصين الوحدة الوطنية، وتضمن عدم إثارة الفتن، وتمنع تطرق رجال الدين المسيحي والإسلامي للسياسة داخل المساجد والكنائس، وتجرم التحريض على الفتنة الطائفية.

وأوضحت الدكتورة مريم أن مسألة الفتنة الطائفية كانت «ورقة» كان يستخدمها النظام السابق، وما زالت تستخدم، وأن حل أزمة الفتنة الطائفية من وجهة نظرها في التعامل بين المسلمين والمسيحيين وفق الأخلاق والاحترام.

ووجهت مريم رسالة إلى مسيحيي المهجر، قائلة: «لن نقبل أي وصاية أجنبية على مصر، فالمسيحي والمسلم نسيج واحد منذ آلاف السنين».

وتشير معظم الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة المسيحيين بمصر لا تتجاوز الـ10 في المائة من إجمالي عدد سكان مصر. وحسب إحصاء ذاتي أعلن عنه البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريك الكرازة المرقسية طبقا لسجلات الافتقادات الكنسية يقدر عدد المسيحيين بأكثر من 12.7 مليون داخل مصر؛ بالإضافة إلى مليونين خارج مصر.

وتضيف مريم أن التيارات الإسلامية تعلم قوة المسيحيين بدليل حرصها على وجودهم في صفوفها، كاشفة عن أن الفارق بين وجود السلفيين والإخوان في حزبها ووجود المسيحيين في أحزاب التيار الإسلامي، هو أنهم كوادر فاعلة في حزب الحق وليسوا مجمدين، موضحة أن «المسيحيين الموجودين في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، غير فعالين، ومجرد أسماء من باب التسويق السياسي».