تحالف باسم الجبهة الثورية السودانية تقوده حركة العدل والمساواة وفصيلا تحرير السودان والحركة الشعبية في الشمال يهدف لإسقاط نظام البشير

جبريل إبراهيم: تضافر الجهود المسلحة مع الجهد السلمي سيساهم في تعجيل إسقاط نظام الخرطوم

TT

وقعت حركة العدل والمساواة وفصيلا تحرير السودان والحركة الشعبية في شمال السودان في منطقة كاودا في جنوب كردفان أول من أمس على ميثاق تحت مسمى الجبهة الثورية السودانية يهدف إلى إسقاط النظام الذي يقوده المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير بالمزاوجة بين العمل الجماهيري السلمي والمسلح. ويعد هذا التحالف الأول من نوعه في الصراع السوداني يجمع الحركات التي تعرف بقوى الهامش في غرب وشمال البلاد، غير أن الخرطوم قللت من التحالف الجديد واعتبرته جمع بين ما سمته «التعيس على خائب الرجاء»، وشددت على أنها قادرة على حسمه، في وقت أعلنت منظمة العفو الدولية أن السلطات السودانية قامت باعتقال أكثر من (100) شخص منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأنهم تعرضوا للتعذيب، وهو ما نفاه مسؤول في المؤتمر الوطني، واصفا تقرير المنظمة بالسياسي.

وأعلن تحالف الجبهة الثورية السودانية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه عن اعتماده وتوقيعه على وثيقة (كاودا) التي تم توقيعها في أغسطس (آب) الماضي. وأكد التحالف على سعيه إلى إسقاط «نظام المؤتمر الوطني» عبر كافة الوسائل المتاحة وعلى رأسها العمل الجماهيري السلمي والكفاح المسلح. وأشارت الوثيقة إلى أن الجبهة قررت تشكيل لجنة سياسية عليا لمهام العمل اليومي وإكمال برامج وهياكل التحالف، إلى جانب تشكيل لجنة عسكرية عليا منوط بها العمل العسكري والجماهيري. وأضاف البيان «على أن تكون أولى مهام اللجنة العسكرية العليا التصدي للهجوم الصيفي لنظام الإنقاذ الذي يستهدف المدنيين في المقام الأول». وشدد الإعلان على أنه سيتم التصدي لتحركات المؤتمر الوطني بحسم على كافة المسارح.

وأشار البيان إلى أن قادة التحالف الذي يضم رؤساء الحركات الموقعة على الميثاق سيجتمعون قريبا لإجازة هياكل وبرامج الجبهة السياسية والعسكرية وتسمية القيادات التي ستتولى قيادة العمل العسكري والسياسي. وذكر البيان أن اللجنة السياسية العليا تم تكليفها للاتصال بقوى التغيير السودانية من قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني للاتفاق على منبر مشترك وإجماع وطني «لإسقاط النظام ومقابلة مرحلة ما بعد سقوط نظام البشير».

وكشف البيان عن أن اللجنة السياسية العليا كانت قد عقدت أول اجتماعاتها ووقفت على الوضع السياسي الراهن والمهام الموكلة إليها، وأن الاجتماع خلص إلى «أن نظام المؤتمر الوطني برغم جرائمه ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتطهير العرقي التي يقوم بها الآن ثبت أنه في أضعف حالاته اقتصاديا وعسكريا»، معتبرا أن نظام المؤتمر الوطني أذل الشعب السوداني وقسم البلاد، في إشارة إلى انفصال الجنوب في يوليو (تموز) الماضي، محذرا من أن استمراره سيؤدي إلى مزيد من التقسيم. وأضاف البيان «ولا خيار للحادبين على وحدة ما تبقى من أقاليم السودان ومستقبله سوى إسقاط هذا النظام دون تسويف أو مراوغة».

ودعت الجبهة الثورية في بيانها كافة القوى السودانية إلى رفض طريق التسويات الجزئية باعتماد منظور شامل لتغيير مركز السلطة في الخرطوم الذي شن الحروب غربا وشرقا وشمالا وجنوبا. وأكدت على أن حل القضية السودانية يكمن في تغيير نظام الخرطوم، وإعادة هيكلة السلطة لمصلحة السودانيين جميعا بلا استثناء. وناشدت السودانيين للانخراط في العمل الجماهيري السلمي والمسلح لإسقاط النظام ورحبت بكل الجهود في هذا الخصوص، إلى جانب دعوتها إلى المجتمع الدولي والإقليمي لاتخاذ موقف حازم ضد سياسات نظام الخرطوم باستخدامه الطعام كسلاح.

ووقع على الميثاق من الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال أمينها العام ياسر سعيد عرمان، وعن حركة العدل والمساواة، كبير مفاوضيها أحمد تقد لسان، وعن حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور القائد أبو القاسم إمام، وعن حركة تحرير السودان بقيادة القائد مني أركو مناوي، الدكتور الريح محمود.

وقال الدكتور جبريل إبراهيم أمين العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في حركة العدل والمساواة لـ«الشرق الأوسط» أمس: «أعتقد أن اتفاق الجبهة الثورية السودانية في غاية الأهمية، باعتباره يجمع شتات المقاومة المسلحة، وتوطئة لجمع المعارضة السودانية في كيان واحد لمواجهة صلف نظام الخرطوم والعمل على إسقاطه. ولا شك أن تضافر الجهود المسلحة مع الجهد السلمي سيساهم في تعجيل إسقاط نظام المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم)، وتقصير عمره، وجمع صف المعارضة السودانية المسلحة وغير المسلحة، يطمئن المجتمع السوداني بكل فئاته ومختلف قطاعاته بأنه ليس هناك جهة تحاول الاستئثار بالحكم أو احتكار السلطة في السودان. كما يعين هذا النوع من التجمع على التعجيل بإحقاق الديمقراطية في البلاد على أسس شفافة وسليمة».

أما عن أسباب تحفظ حركة العدل والمساواة على اتفاق كاودا من قبل، بسبب الاعتراض على فصل الدين عن الدولة ضمن بنود ذلك الاتفاق، بينما وقعت الحركة على هذا الاتفاق مع مجموعة كاودا، قال الدكتور جبريل إبراهيم: «لم يكن في حقيقة الأمر هناك اتفاق، إذ أن محادثات كاودا لم تكن قد انتهت إلى صيغة اتفاق معين، بل كان الحوار مستمرا بين الأطراف، وقد أكد ذلك ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية - قطاع الشمال - في تصريحات صحافية متعددة. كما أنه لم يكن الخلاف حول مدنية الدولة أو المواطنة كأساس للحقوق، ولكن حركة العدل والمساواة كانت تشير إلى أنه ليس من الحصافة السياسية مواجهة مجتمع مسلم بلغة تستفز مشاعر الشعب، مثل كلمة العلمانية التي تفسر لدى الكثيرين على أساس أنها معاداة للإسلام. كما أنه ليس من حق الجهات الحاملة للسلاح فرض نظام سياسي معين على الشعب، ما دمنا قد ارتضينا دولة مدنية ديمقراطية قائمة على أساس المواطنة. فالأحرى ترك أمر نظام الحكم للشعب، وهذا ما تم الاتفاق عليه من الجبهة الثورية الشعبية التي شكلت أخيرا».

من جانبه وصف الدكتور ربيع عبد العاطي المستشار في وزارة الإعلام والقيادي في المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) في حديثه مع «الشرق الأوسط» أمس التحالف الجديد بأنه «جمع التعيس على خائب الرجاء». وقال الدكتور عبد العاطي: «هؤلاء أقزام وتحالفهم سيزيدهم تقزيما، ونحن لا نخشاهم وسنقضي عليهم قريبا». وأضاف: «إن الحكومة جربت الذين وقعوا على ميثاق التحالف أفرادا وجماعات، وإنها تعرفهم بأنهم لن يفعلوا شيئا». وتابع: «لقد جمعهم الله على الباطل وعندما يجتمعون على الباطل فلن يفعلوا شيئا»، مشيرا إلى أن القوات المسلحة السودانية قد قضت على تمرد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية في شمال السودان والي النيل الأزرق المقال في الكرمك. وقال الدكتور عبد العاطي «لقد تبقت جيوب في جنوب كردفان وسيتم القضاء عليها قريبا، أما حركات دارفور فإن وثيقة الدوحة مفتوحة لهم للتوقيع عليها ولا مجال آخر لهم». وأردف «لا وجود الآن لما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال لأن الحركة الرئيسية تحكم دولة جنوب السودان الآن».

من جهة أخرى، قالت منظمة العفو الدولية في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الخرطوم اعتقلت أكثر من 100 ناشط معارض في العاصمة وضواحيها منذ أكتوبر الماضي، وإن عددا كبيرا منهم قد تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة من قبل جهاز الأمن والمخابرات السودانية - على حد تعبير المنظمة في بيانها. وأضافت أن المعتقلين من منظمة شباب من أجل التغيير الذين تصدوا لارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأن من بين المعتقلين ناشط يبلغ من العمر (85 عاما) يتبع للحركة الشعبية في شمال البلاد. ودعت المنظمة الحكومة السودانية إلى إلغاء قانون الأمن الوطني الذي يتيح اعتقال وتوقيف الأشخاص لأكثر من 4 أشهر ونصف دون تدخل قضائي.

غير أن الدكتور ربيع عبد العاطي القيادي في المؤتمر الوطني قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تقرير منظمة العفو الدولية سياسي ولا يستند على شهود وأدلة». وأضاف: «لقد تحولت هذه المنظمة إلى حزب سياسي ونحن لا ننظر إلى تقاريرها لأن ليس لها علاقة بحقوق الإنسان ولا بأرض الواقع واتهاماتها دون دليل إلى جانب أنها مفبركة»، معتبرا أن ما يجري الآن محاولات للضغوط على بلاده رغم أن الحكومة استوفت اتفاقية السلام بإجراء الاستفتاء في جنوب السودان والاعتراف بالدولة الجديدة. وقال: «لكن بعض الدول الغربية ما زالت تضمر العداء للسودان وأنهم يسيرون في اتجاه تعقيد الأوضاع.. لكننا تعودنا على ذلك منذ سنوات طويلة ولم تفلح ضغوطهم واستطعنا تجاوزها ولدينا القدرة الآن لتجاوزها».