لا نبالغ اذا قلنا ان الاسابيع القليلة القادمة هي واحدة من اخطر المراحل التي يمكن ان يمر بها العراق. ومع ضوء سلوك الاحزاب والشخصيات العراقية سيتحدد مستقبل العراق، نقول ذلك بعد ان بدأت ملامح القوائم الانتخابية بالظهور، وحيث بدأت صورة التحالفات والاصطفافات السياسية للانتخابات القادمة بالتشكل.
سيرتكب العراقيون جريمة بحق وطنهم ومستقبلهم اذا اختاروا طريق المحاصصة الطائفية والقومية واسطفوا وراء مذاهبهم وقومياتهم واعراقهم على حساب بناء وطن جديد ينهض من الدمار.
اخطر ما في هذه المرحلة هو الانانية الحزبية والطائفية والتمترس وراء متاريس الجاهلية الاولى بهدف الوصول الى السلطة بأي ثمن، والعراقيون الذين دفعوا ثمنا باهظا للدكتاتورية والفردية ربما سيدفعون ثمنا باهظا آخر اذا اختاروا طريق بناء عراق جديد على اساس مذهبي وطائفي وعرقي. ولا يستحق الشعب العراقي بعد معاناته الطويلة من صدام ان يدخل نفق معاناة طويلة جديدة على يد الانانية الحزبية والتمترس الطائفي.
القوائم الانتخابية والتحالفات التي تشم منها رائحة طائفية بغيضة هي خطر على العراق، وهي انتحار طوعي سيدفع العراقيون ثمنه، وعلى العقلاء في كافة الاتجاهات والاجتهادات والاحزاب ان يفكروا جيدا بمستقبل بلدهم، وألاَ تسيطر عقلية إلغاء الآخر، وعقلية اقامة دولة بلون واحد وطائفة واحدة لا فرق بينها وبين نظام الحزب الواحد الذي ولى الى غير رجعة.
شعوب عربية كثيرة تتطلع الى العراقيين على أمل ان يقيموا نظاما متسامحا وحرا يشارك فيه الجميع، ويكون فيه الوطن هو القبيلة وهو الطائفة وهو الملجأ في ظل دولة القانون، وسيكون احباطا كبيرا لكل العراقيين ولكل من يحبون العراق وأهله ان تبرز العقلية الطائفية والعشائرية على حساب الدولة الحديثة، دولة القانون. وهناك تخوفات جدية من الانزلاق في طريق المحاصصة الطائفية، فلقد تعب العراقيون من الحياة في ظل الخوف والتوجس ومن حقهم ان يحلموا بوطن جديد.