أنا إيراني محظوظ كوني أعرف اللغة العربية جزئيا. بالقدر الذي استطعت ان أفهمه من مقالك أود أن اجيب على بعض النقاط التي وردت فيه. أولا كل مواقف الحكومة الإيرانية لم تكن ضد الأخوة مع الدول الإسلامية، حتى بدأتم أنتم العرب تغيير الاسماء التاريخية والدولية، مثل الخليج الفارسي. تذكروا بأنكم من بدأ المشكلة وكنتم سببا فيها لا الإيرانيون. الاسم لا يعني الملكية، بل مجرد اسم يستدل به. هناك اسماء كثيرة من هذا القبيل مثل خليج عمان، وخليج المكسيك، والقنال الانجليزي، والبحر العربي، والمحيط الهندي، الخ. فقط تخيل ماذا سيحدث في جغرافية العالم لو ان كل بلد قرر ان يغير الاسماء الدولية، فسمى الأميركيون «الخليج الأميركي» والفرنسيون «القنال الفرنسي» وباكستان «البحر الباكستاني»، وحتى الدول الافريقية سمت المحيط الهندي بـ«الافريقي»، كما ترى ستدب الفوضى!
هذه رسالة من رضا زكري، قارئ ايراني، عقب على مقال لي سبق ان كتبته عن غضب رسمي إيراني من شركة غوغل، صاحبة محرك البحث الشهير، لأن موقعها سمى الخليج بـ«العربي» لا «الفارسي».
وبقدر ما اشكره على حرصه على توضيح وجهة نظره كايراني إلا انني اظن انه أخطأ فهم مقالي. لم أقل إنني ضد تسمية الخليج بالفارسي، أو الإيراني، أو الهندي، أو الأخضر، أو الأزرق، وفي نفس الوقت لا أجد مبررا للغضب عندما يسمى الخليج بالعربي، فهناك اكثر من مائتي مليون عربي يكتبونه وينطقونه «الخليج العربي» في كل مراحلهم الدراسية ومناحي حياتهم الثقافية. بالنسبة لي فعلا لا أحمل أي حساسية تجاه التسمية، وأعتقد أن هذا حال كثيرين من المثقفين العرب الذي يجدون كم هو سخيف أن نختلف مع الجار الإيراني على تسمية خليج، الى درجة تسميم العلاقات بين جيران يفترض أن نبحث عما يجمعهم لا يفرقهم. لكن المشكلة التي لم يفهمها القارئ، أو ربما لم أفلح في شرحها بشكل جيد، هي التعاطي الإيراني مع العرب على أنهم جزء من مشروع سياسي. حساسية الجانب العربي مصدرها الشك والخوف، الذي ربما يصعب على الفرد الإيراني فهمهما. فمنذ أيام الشاه، ثم لاحقا قيادة الثورة الاسلامية، طهران اعتادت على اطلاق تصريحات وتحركات تقلق العرب، توحي بأن الإيرانيين يريدون التمدد وفرض نفوذهم على المشرق العربي. استطيع ان أسجل قائمة طويلة من البراهين التي تؤيد هذا التخوف منذ الأمس وحتى اليوم. وأعرف أن أي سياسي إيراني سيسارع بالقول إن الخطر كان دائما عربيا ضد ايران، مستدلا بحرب صدام. بكل أسف استدلال ناقص لأن صدام هدد سورية بالهجوم، واحتل الكويت بعد حربه على إيران، أي انه استهدف جيرانه العرب لا الفرس وحدهم، استهدف الشمال والجنوب لا الشرق وحده. صدام استغل خوف العرب من المشروع الإيراني الذي اطلقه الإمام الراحل آية الله الخميني وأعلن فيه صراحة أنه يستهدف بثورته تصديرها الى الدول المجاورة. وبدأت معالم الدعم والوفود والمظاهرات المؤيدة تهدد الدول المجاورة وتتعهد بقتالهم. هذه مسألة لها قصة تاريخية طويلة لا تكفي هذه الزاوية المحاصرة لنقاشها.