من الطبيعي أن أول سؤال يتبادر إلى ذهن المتابعين حول المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية هو: ما هي ردود فعل كل من إيران، وحزب الله، وحماس؟ حزب الله اكتفى بـ«لا تعليق»، أما حماس فلا تعلم ما تقول، وتصريحات مسؤوليها تنم عن ارتباك.
المفاجأة هي تصريح إيران، حيث تقول طهران إنها لا تمانع المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية طالما أنها ليست ذات شروط مسبقة. وهذه ليست لغة دبلوماسية، بل لغة من يملك قرار. فهل قرار السوريين بيدهم أم أنه بات في يد إيران؟
كيف نفسر صمت حزب الله، الذي ما فتئ يخوِّن المختلفين معه على أنهم عملاء لمشروع صهيوني أميركي، والآن يصمتون، بينما دولة «المقاومة» و«الممانعة» تتحدث عن مفاوضات سلام مع إسرائيل؟
بل إن بيان حزب الله للرد على المؤتمر الصحافي الأخير لوليد جنبلاط حيال اختطاف ممثل الحزب الاشتراكي الفرنسي كريم باكزاد، خلا من اتهام جنبلاط بالعمالة لواشنطن والرغبة في تحويل لبنان إلى مشروع أميركي، وهي من اللحظات النادرة التي لا يخوِّن الحزب فيها جنبلاط. فالحزب يعي تماما أن وليد بك، لا يوصى، وبالتالي فلن يفوت مثل هذه الفرصة من دون تذكير حزب الله بأن دمشق هي من يفاوض إسرائيل، لا الأكثرية.
وكيف نفسر صمت قيادات حماس، وهي التي تعتبر مفاوضات الرئيس محمود عباس مع الإسرائيليين تضييعا وتمييعا للقضية؟ هل يمكن ان تلزم حماس وحزب الله الصمت حيال علاقات إسرائيلية ـ سورية لولا انهما تعلمان أن طهران تباركها؟
مع كل مطلع شمس هناك غمز ولمز، وهجوم على الأردن ومصر بسبب اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل، وهناك حملة من التحريض عليهما، وهناك مكائن تخوين من الخليج إلى المحيط، وعلى كل من يدعو للسلام، وعندما تكون سورية في مفاوضات يلزم كل هؤلاء الصمت؟ فكيف يمكن تفسير هذا؟
إيران، التي ينادي رئيسها أحمدي نجاد في كل خطاب بضرورة زوال إسرائيل من الخريطة، لا تمانع مفاوضات سورية ـ إسرائيلية؟ وحزب الله، الذي أشهدنا قائده حسن نصر الله بعد اغتيال عماد مغنية في دمشق بأن دمه سيكون بداية زوال إسرائيل، يلزم الصمت اليوم على تفاوض إسرائيلي ـ سوري إن تم فمن المؤكد أن حزب حسن نصر الله الإلهي سيكون أول ضحاياه. ويبدو أنه لهذا السبب تحدث الدكتور سمير تقي الذي قيل إنه مكلف بالاتصالات السورية ـ التركية لقناة «المنار» التابعة لحزب الله مطمئنا الحزب حول قادم الأيام في حال تطورت المفاوضات، بأن مصالح سورية الجيو ـ سياسية تقتضي علاقات مطولة وعميقة مع حزب الله.
مكمن الاستغراب ليس في مواقف حزب الله وحماس، أو سيطرة إيران على سورية، وتوغلها في داخل دمشق بشكل أكبر مما يتوقع الكثير من المتابعين، بل ان الاستغراب فيمن لا يزال يصدق ما تقوله إيران وأعوانها في المنطقة، من سورية وحزب الله وحماس، عن المقاومة. فأين من أشغلونا بالمقاومة، وتخوين المعتدلين، من كل هذا؟