لأول مرة أكتب مقالا لا أعرف كيف أبدأ به، ليس من صعوبة الكتابة ولكن من غرابة الموضوع، فقد تناقلت وسائل الإعلام أن محكمة ألمانية أدانت طبيبا حوّل امرأة إلى رجل دون علمها، وأجبرته على دفع 100 ألف يورو للمرأة تعويضا عن ما لحق بها من ألم.
وتعود القضية إلى 30 سنة خلت عندما أخضعت (كريستينا) - وهذا هو اسمها - إلى عملية استئصال الزائدة الدودية عندما كانت صغيرة، غير أن الطبيب فوجئ أثناء إجراء العملية بحالة غريبة، إذ إن الأعضاء التناسلية لها كانت متضخمة وأقرب ما تكون للأعضاء الذكرية، في حين أنها كانت بمبيضين وجهاز تناسلي كامل، عندها قرر الطبيب في لحظة لم يشاور خلالها أحدا استئصال الجهاز التناسلي الأنثوي وترك الأعضاء الذكرية، ولكنه باستئصاله لم يكن دقيقا ولا ناجحا، والدليل أن أعضاءها الأنثوية عادت إلى طبيعتها بعد سنوات، فيما استمرت أعضاؤها الذكرية بالنمو.
المشكلة أن أهلها بعد العملية اقتنعوا برأي الطبيب أن ابنتهم هي (صبي) لهذا غيروا اسمها وسجلوها في الدوائر المدنية في (دسلدورف) باسم (كريستان).
إلى هنا والموضوع شبه طبيعي، فما أكثر العمليات التي تجرى لبعض الرجال فيتحولون إلى نساء، والعكس أيضا صحيح، فما أكثر العمليات التي تجرى لبعض النساء فيتحولن إلى رجال.
بل إن رجلا تزوج وأنجب، ثم تحول إلى امرأة وتزوج بعد ذلك وأنجب أيضا، فأبناؤه الأوائل ينادونه «بابا»، وأبناؤه الآخرون ينادونه «ماما»، وهو سعيد أو هي سعيدة بذلك.
غير أن موضوع (كريستان) أعقد من ذلك بكثير، ويبدو أنه يريد أن يكون مختلفا عن باقي البشر، وأن يقدم على خطوة لم يسبقه بها أحد من بني آدم.
فقد اتصل بالطبيب الذي أجرى له العملية وقال له إنه مستعد أن يتنازل عن الغرامة المالية التي حكمت بها المحكمة عليه، بشرط أن يجري له عملية أخرى تعيد له فعالية جهازه الأنثوي بشكل طبيعي، وفرح الطبيب بهذا الشرط المغري، وأجرى له العملية بنجاح، والآن كلا الجهازين يعملان بكفاءة (صاغ سليم) - أو مثلما يقول إخواننا المصريين (على سنكة عشرة).
المشكلة العويصة الآن أنه يريد، بل إنه مصمم على أن يعاشر نفسه بنفسه، أو بتعبير آخر أنها تريد أن تعاشر نفسها بنفسها - وكلا التعبيرين صحيح -، طبعا الكنيسة حسب معتقداتها ترفض وتدين ذلك.
رغم أن الطبيب يؤكد أن ذلك من الممكن أن يتم دون أية مشاكل، لأن الرحم سليم وخال من أية عيوب، ويبدو أن (كريستان أو كريستينا) سيضرب بكل المعارضات والاحتجاجات عرض الحائط لتتم المعاشرة والحمل والإنجاب بعد تسعة أشهر، حتى دون عملية قيصرية.
ولا أدري ماذا سوف ينادي ذلك المولود السعيد من أنجبه؟!
هل يقول: يا بابا، أو يا ماما؟!، وأغلب الظن أنه سوف يقول: يا (باما)!!
عندما حكيت تلك الواقعة الغريبة لأحدهم تفاجأت به وهو يقول لي بعد أن تنهد تنهيدة عميقة: آه يا ليتني كنت في مكان (كريستان)، وأكتفي بنفسي، لكي أرتاح من إزعاجات زوجتي.