متى أصبح الدستور العراقي نافذا؟

TT

يلاحظ لدى كثير من المسؤولين أو المحللين السياسيين، خلال أحاديث وتصريحات في وسائل الإعلام ومن جهات رسمية مختلفة، بعض الخلط وعدم التمييز بين تاريخ الإقرار والإصدار والنشر للدستور العراقي، وتاريخ نفاذه قانونيا. لذا لا يضر، إذا لم ينفع، إن نحن حاولنا توضيح هذا الأمر من وجهة نظر قانونية ودستورية.

ففي 7 ديسمبر (كانون الأول) 2005، أقرت الجمعية الوطنية العراقية (السلطة التشريعية) الدستور، ثم وافق مجلس الرئاسة (السلطة التنفيذية) على مشروع الدستور وأرسل للنشر، وقد نشر يوم 28 ديسمبر من عام 2005 في جريدة الوقائع العراقية (العدد رقم 4012). وهذا يعني أن الدستور العراقي مر بجميع المراحل المطلوبة للتشريع وهي مراحل (الإقرار) و(الإصدار) و(النشر).

أما مرحلة (نفاذ الدستور)، أي تطبيق نصوصه فقد نصت المادة 144 منه على ما يلي:

«يعد هذا الدستور نافذاً بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام ونشره في الجريدة الرسمية وتشكيل الحكومة بموجبه».

ويتبين من هذا النص بكل وضوح أن هناك شروطا قد نص عليها الدستور يجب توافرها لنفاذه وتطبيق أحكامه وهي ما يلي:

1) موافقة الشعب على الدستور بالاستفتاء العام. وقد وافق العراقيون عليه بنسبة 78.40 %.

2) نشر الدستور في الجريدة الرسمية. وقد نشر يوم 28/12/2005 في العدد 4012 من جريدة «الوقائع» العراقية، هذا فضلا عن 5 ملايين نسخة تم توزيعها قبل ذلك من الأمم المتحدة التي تولت طباعته.

3) تشكيل الحكومة العراقية بموجبه، والتي شكلت يوم 20/5/2006، ذلك لأن الاجتماع الأول للجلسة الافتتاحية لمجلس النواب كان يوم 17/3/2006.

ومن المتعارف عليه أن تاريخ نفاذ القانون هو يوم نشره في الجريدة الرسمية، إلا إذا نص على غير ذلك، على أساس أنه بعملية النشر يتحقق العلم بالقانون، ولا يمكن لأي شخص أن يتذرع بالجهل بالقانون لأنه ليس بعذر ما دام شرط العلانية تحقق بالنشر.

ولكن وفقا للقواعد العامة الواردة في المؤلفات الفقهية والقانونية، يجوز للمشرع أن يعلق تاريخ نفاذ القانون أو الدستور بتحقق شروط معينة. وعلى سبيل المثال لا الحصر صدر القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 ونشر في «الوقائع» العراقية في العدد 3015 يوم 8/9/1951، إلا انه صار نافذا بعد مرور سنتين من تاريخ نشره، أي في يوم 8/9/1953 (المادة 1382 من القانون المدني العراقي).

أما بالنسبة للدستور العراقي الحالي، فبالرغم من إقراره وإصداره ونشره في الجريدة الرسمية، إلا أن تاريخ نفاذه قد تم تعليقه بتحقق شروط محددة أوضحناها أعلاه، ومنها «تشكيل الحكومة العراقية». وبما أن الحكومة قد أدت اليمين القانوني وتشكلت بتاريخ 20/5/2006، وهي أول حكومة دستورية منتخبة بعد سقوط الدكتاتورية، فيكون هذا التاريخ هو تاريخ نفاذ الدستور العراقي لا غيره.

وبهذا التاريخ انتهى سريان نفاذ قانون «إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية» وفقا للفقرة (ج) من المادة الثالثة التي نصت على ما يلي: «ج- ينتهي سريان نفاذ هذا القانون عند تشكيل حكومة منتخبة وفقا لدستور دائم».

* خبير قانوني وعضو لجنة كتابة الدستور العراقي