خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أول خطاب ولقاء رسمي عام له بعد أحداث تونس ومصر، بوجه أصفر شاحب وصوت قلق مضطرب يتلعثم في كلامه، عيناه مليئتان بالخوف وكلماته مليئة بالذعر. لم تعد الأمور كما كانت، فالتغير الذي يحدث في الشارع العربي سيصل أثره إلى داخل القلب الإسرائيلي. أسلحة الدمار الشامل التي كانت تتهم النظم العربية بحيازتها وذلك لأجل تهديد إسرائيل تبين لاحقا أنها أكذوبة لا وجود لها. ولكن هناك أسلحة دمار جديدة تهدد إسرائيل مهمة وفعالة وهي روح الشباب والتقنية الحديثة.
عجيب كيف وظفت التقنية الحديثة لصالح التغيير السياسي بأيدي الشباب! «فيس بوك» ذلك الموقع الاجتماعي المهم تحول إلى قناة ووسيلة تجميع أصوات وصناعة رأي عام جماعي بسرعة البرق، و«يوتيوب» أصبح موقع لسان الحال وشهادة العين لكل مقولة ولكل حدث ولكل واقعة، و«تويتر» ذلك الموقع التواصلي المبهر الذي يمكن المشترك فيه من متابعة كل شخص أو كل خبر بسرعة الضوء تقريبا ومن كل المصادر الممكنة، مع عدم إغفال مساهمات موقع البحث «غوغل» في التقصي والبحث ولا موقع «ويكيبيديا» الموسوعي أو موقع «ويكيليكس» الخاص بالتسريبات السياسية والاستخباراتية.
سنوات من الدجل والكذب كانت توزع على العالم لتروج أن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وهي كذبة ابتلعها الغرب وكان يسوق لها بكل حماس وهمة متجاهلا أن الديمقراطية هي حقوق ومواثيق ومعاهدات وهي ما تجاهلته عمدا إسرائيل باحتلالها للأراضي واختراقها للقرارات الدولية ومخالفتها واضطهادها لمواطنيها من غير اليهود ومعاملتهم من الدرجة الثانية بلا عدل وبلا مساواة. إسرائيل قلقة جدا بل مرعوبة مما يحدث حولها في العالم العربي، فموجة التغيير والإصلاح ستطال الداخل فيها والعرب بالداخل مطالبين بنسخ المثال التونسي والمصري والاعتصام العظيم سلميا حتى ينالوا حقوقهم، الفلسطينيون مطالبون بالاستفادة القصوى مما حدث في تونس ومصر فقضيتهم لا تزال القضية الأهم في الوجدان العربي وإسرائيل لا تزال العدو الأول في أذهان العرب بلا جدال.
الكل يتحدث عن آثار ما يحدث اليوم في المنطقة على الدول والنظم العربية ويتناسون أثر ذلك على إسرائيل وتركيبتها السكانية. هناك تحركات بسيطة وخجولة في الجولان المحتلة واللد والناصرة ويافا ومن المتوقع أن تزيد وتتفاقم، فالعرب الموجودون بالداخل الإسرائيلي يعانون من القمع والظلم والسجن وسلب الحقوق والاعتداء على الأراضي والممتلكات والأموال. إسرائيل تدرك أنها لن تتحمل الحراك الشعبي العربي الكبير ضد الظلم والفساد والمطالبة بالإصلاح لأنها ستكون على رأس القائمة التي يتوجه عليها الغضب العربي الكبير وهذا سيكون أكبر «مفاجأة» من نتاج هذا الحراك الشعبي العربي الكبير.
هناك مليونان ونصف مليون عربي داخل إسرائيل ومثلهم في الضفة الغربية وغزة ولن يصمتوا طويلا.